«وإن لم يعزم على الإقامة بعد العود فالأقوى التقصير» (١) ، وكذلك بقية العبارات. فما في رسالة الشهيد الثاني (٢) من نسبة الحكم بالتقصير إلى حكم الأصحاب فهو كما ترى لم يصادف محزّه. ولعلّ أستاذنا صاحب الرياض أشار إليه بقوله : «إنّ ظاهر الأصحاب ـ كما قيل ـ الاتّفاق على التقصير ذهاباً وإياباً» (٣) انتهى. فتأمّل.
والمصرّح به من عرفت ، وليس في كلام الشيخ (٤) ، والقاضي (٥) تعرّض لذلك ، وإنّما هو في فرض خاصّ ، ويجب تقييد كلام المصرّح به بما «إذا قصد مسافة» ، فيكون المراد : أنّه إذا خرج إلى ما دون المسافة قاصداً مسافة فإنّه يقصّر ولو أقام فيما دون المسافة أيّاماً دون العشرة ، ويكونون قد تركوا هذا التقييد للعلم به ، كما تركوا تقييد الخروج بكونه بعد الصلاة تماماً ، وما ذاك إلاّ لأنّه معلوم عندهم.
إلاّ أن تقول في هذا ـ كما في المصابيح ـ : «إنّ إطلاق صحيح زرارة الذي قال فيه : (إنّه بمنزلة أهل مكّة) (٦) ، يشمل ما إذا نوى الإقامة ولم يصلِّ تماماً ، فلو خرج بعد نيّة الإقامة ولم يصلِّ تماماً فحاله حال من صلّى تماماً على إشكال فيه ، ولذا لا
__________________
(١) نهاية الإحكام في معرفة الأحكام ٢ / ١٨٧.
(٢) لاحظ : رسالة نتائج الأفكار في بيان حكم المقيمين في الأسفار المطبوعة ضمن رسائل الشهيد الثاني ١ / ٣٢٣.
(٣) لاحظ : رياض المسائل في بيان أحكام الشرع بالدلائل ٤ / ٤٦٧.
(٤) لاحظ : المبسوط في فقه الإمامية ١ / ١٣٨.
(٥) لاحظ : المهذّب ١ / ١٠٩.
(٦) لاحظ : تهذيب الأحكام ٥ / ٤٨٨ باب الزيادات في فقه الحجّ ، ح٣٨٨.