الأمر الخامس : العمل بالقواعد الكلّية المستفادة من جزئيّات الأحكام بموجب تنقيح المناط القطعي ، والمقصود من تلك القواعد تلك التي تستفاد من جزئيّات الأحكام في الموارد المتفرّقة نظراً إلى اشتراك جميعها في علّة الحكم ، وهذا هو حال غالب القواعد الفقهية فإنّها تكون مستنبطة من موارد جزئية ، وقد أشار المصنّف إلى جملة منها في مقدّمة الحدائق(١) ، وكذا في مواضع أُخر منه ، من ذلك ما جاء في بحث ميتة غير الآدمي ممّا له نفس سائلة قائلاً :
«ولايخفى على من أعطى النظر حقّه أنّ أكثر الأحكام الشرعية التي صارت بين الأصحاب قواعد كلّية إنّما حصلت من تتبّع جزئيّات الأحكام وضمّ بعضها إلى بعض كالقواعد النحوية المبنية على تتبّع كلام العرب ، وإلاّ فوجود الأحكام بقواعد مسوّرة بسور الكلّية لايكاد يوجد إلاّ نادراً»(٢).
الأمر السادس : العمل بأصالة البراءة في ما تعمّ به البلوى من الأحكام ، بمعنى البناء على براءة الذمّة من التكليف في الوقائع التي تعمّ بها البلوى لكن بشرط البحث عن الدليل على الحكم في مضانّه المعهودة واليأس من العثور عليه ، ومن أمثلة ذلك ما ذكره بخصوص مسألة عدم بطلان الصلاة في المسجد لمن أخلّ بشرط إزالة النجاسة عنه ، قائلاً :
«... والحقّ أن يقال : إنّ الأحكام الشرعية توقيفية من الشارع ، فلو كان لهذه المسألة أصل مع عموم البلوى بها لخرج عنهم عليهمالسلام ما يدلّ عليها أو يشير إليها ،
__________________
(١) انظر : الحدائق الناضرة ، المقدّمة الحادية عشرة ١ / ١٤٦.
(٢) الحدائق الناضرة ٥ / ٦٠.