والتوقّف في المسألة ، وتكتسب هذه العملية أهمّية خاصّة في منهج المؤلّف الفقهي لما فرضه هذا المنهج من اتّساع دائرة معالجة تعارض الأخبار وشمولها لكلّ ما عدّه فقهاء المنهج الأصولي حسب اصطلاحهم ضعيفاً وأقصوه عن مجال المعارضة ، وبذلك اتّسع مجال الاختلاف والتعارض فيما بينها الأمر الذي اقتضى من المؤلّف جهداً أكبر في النظر فيه ومعالجته ، وبالتالي أخذ من كتابه حيّزاً أوسع لبحثه.
الأمر الرابع : الاستدلال بالعمومات القطعية عند عدم ورورد ما يصلح لتخصيصها ، والمقصود بهذه العمومات الأدلّة العامّة المستفادة من آيات القرآن الكريم والأخبار الواردة عن الأئمّة المعصومين دون ما بناه الأصوليّون أو تبنّوه منها على التعليلات والتخريجات العقلية ، وهي من قبيل أصل الطهارة وأصل الحلّية والاستصحاب وقاعدة التجاوز وعمومات دفع الضرر وحلّية المحرّمات ونحو ذلك ممّا أشار إليه في المقدّمة الحادية عشرة من مقدّمات الحدائق(١) ، ومثال الأخير كالذي ذكره في مسألة جواز أكل المحرِم للصيد في حال الضرورة ، قال :
«ويدلّ عليه جملة من العمومات الدالّة على وجوب دفع الضرر عن النفس من الكتاب والسنّة وتحليل المحرّمات في مقام الضرورة ، وخصوص جملة من الروايات الدالّة على أنّه يأكل الصيد ويفدي»(٢).
__________________
(١) الحدائق الناضرة ١ / ١٣٣.
(٢) الحدائق الناضرة ١٥ / ١٦٤.