وحزّاً ، ودقّاً) مبدلات من (إثخان الجراحة) لقرب المعنى بينهما ، فـ : (طعن العيون ، وحزّ الحلوق ، ودقّ المناخر) بمعنى (إثخان الجراحة) قطعاً ، وأنّ (قصداً ، وسوقاً) منصوبان على المفعولية المطلقة ، وعاملاهما محذوفان بتقدير : قصدوا إليكم قصداً ، وساقوكم سوقاً(١).
وأغرب التستري في توجيه نصب هذه المصادر ، ولم يتقبّلْ ما ذكره السابقون له ، واستظهر ثلاثة أوجه لنصبها ، هي(٢) :
الأوّل : أنّها منصوبة على الحال المؤوّلة باسم الفاعل ، والتقدير : طاعنين في عيونكم ، وحازّين حلوقكم ، وداقّين مناخركم ، وقاصدين لمقاتلكم ، وسائقيكم بخزائم القهر ، وهو بهذا موافق لرأي النحويّين في جواز مجيء الحال مصدراً على خلاف الأصل مؤوَّلاً باسم مشتقّ ، إذ قال سيبويه : «وذلك قولك : قتلتُه صبراً ، ولقيتُه فجاءةً ومفاجأةً ، وكلّمْتُه مشافهةً ، وليس كلّ مصدر إنْ كان في القياس مثل ما مضى من هذا الباب يوضع هذا الموضع ، لأنّ المصدر ها هنا في موضع فاعل إذا كان حالاً»(٣). والأصل في الحال أن يكون وصفاً ، لأنّه يتضمّن الحدث وفاعل الحدث ، أمَّا المصدر فيتضمّن الحدث فقط من دون فاعله ، لذا لا يكون وصفاً لصاحبه.
__________________
(١) ينظر : منهاج البراعة ١١ / ٢٨٤.
(٢) ينظر : بهج الصباغة ١٤ / ٢٥٦.
(٣) كتاب سيبويه ١ / ٣٧٠ ؛ وينظر : المقتضب ٣ / ٢٦٩ و٤ / ٣١٢ ؛ الأصول في النحو ١ / ١٦٣ ؛ وشرح الرضي على الكافية ١ / ٣٣٠.