فقَلَب الإعراب بأنْ جَعَلَ (إثخان) المفعول الأوّل ، والضمير المتّصل (الكاف) المفعول الثاني ، أي : جعلوا إثخان الجراحة واطئاً لهم ، لا أنَّهم واطئون له(١).
والبحث يركن إلى هذا التوجيه في نصب (إثخان) ، ذلك أنّ الفعل (أوطأ) إن رُدَّ إلى المجرّد اتّضح المعنى جليّاً ، فيكون (إثخان) فاعلاً و (الناس) مفعولاً به ، والتقدير : (وَطِئَ إثخانُ الجراحة الناس) ، ومع زيادة الهمزة يكون التقدير : أوطأ الشيطان إثخانَ الجراحة الناس ، و (الإثخان) فيه مفعول أوّل لا مفعول ثان(٢).
في نصْب المصادر الخمسة (طعناً وحزّاً ودقّاً وقصداً وسوقاً)
رجّح البحراني أنّها منصوبة على المصدرية ، وأنّ أفعالَها محذوفة يدلُّ عليها السياقُ ، أي : طعنوكم في عيونكم طعناً ، وحزّوا حلوقكم حزّاً ، ودقّوا مناخركم دقّاً ، وقصدوا مقاتلكم قصداً ، وساقوكم بخزائم القهر سوقاً إلى النار المعدّة لكم ، واستدلّ على ذلك بأنّ هذه المصادر كلّها وردت في سياق واحد ، لمعنى واحد هو الذمُّ(٣).
ولم ينسب البحراني هذا الرأي إلى قائله ، واكتفى بعبارة : «وقال بعض الشارحين» ، ومِن تتبّعِ آراء مَن سبقه اتّضح أنّ هذا الرأي لابن أبي الحديد(٤). في حين فرّق حبيب الله الخوئي بين هذه المصادر في الإعراب ، فذهب إلى أنّ (طعناً ،
__________________
(١) ينظر : منهاج البراعة ١١ / ٢٨٤.
(٢) ينظر : المباحث الدلالية في شروح نهج البلاغة دراسة موازنة : ٢٧٩.
(٣) ينظر : شرح نهج البلاغة ٤ / ٢٩٧.
(٤) ينظر : شرح نهج البلاغة ١٣ / ١٤٣.