الآتي :
في نصب (إثخان) ذهب الراوندي إلى أنّه منصوب بنزع الخافض ، والأصل : «أوطؤوكم لإثخان الجراحة ، أو : بإثخان الجراحة» ، فنزع حرف الخفض الذي يفيد السبب ـ أو الغرض بتعبير البحراني ـ ونصب المجرور توسّعاً ، واحتجّ لذلك بدليل نقلي هو أنّ (إثخان) قد رُوِي مجروراً باللام أيضاً ، وهذا يعضد أنّه في رواية النصب إنّما نُصِب بنزع الخافض ، واستدلّ أيضاً بأنّ المعنى يتطلّب حرف الجرّ السببي ، ذلك أنّ وطأهم إنّما يتمّ بإثخان الشيطان لهم(١).
ويبدو من نصّ البحراني أنّه لم يوافق الراوندي في نصب (إثخان) بنزع الخافض ، بل ذهب إلى أنّه منصوب على أنَّه مفعول ثان لـ : (أوطؤوكم) ، وعليه يكون الضمير المتّصل (الكاف في أوطؤوكم) هو المفعول الأوّل ، ويكون معنى إيطاء الشيطان ببني آدم هو إلقاؤه إيّاهم فيه ، وتوريطهم وحمله لهم عليه ، أي : جعلكم الشيطان وجنوده واطئين للإثخان.
على حين أنكر التستري هذا الرأي مستدلاًّ بأنّ هذا المعنى لا يوائم معنى ذمِّهم ولذا قال في إنكار هذا الرأي : «إنّه لا معنى للكلام ، فإذا كانوا واطئين للإثخان ، أىُّ نقص في ذلك حتّى يكون من قبيل فأقحموكم ولجات الذلّ وأحلّوكم ورطات القتل»(٢).
ويبدو أنّ حبيب الله الخوئي قد التفت إلى ما في هذا الرأي من إشكال
__________________
(١) ينظر : منهاج البراعة ٢ / ٢٤٠.
(٢) بهج الصباغة ١٤ / ٢٥٥.