برأي ينفرد به ، أو بترجيح مِنْ بين أقوال شرّاح النهج ، أو بزيادة استدلال على رأي مَن تابعهم من الشرّاح ، ومن أمثلة ذلك :
١ ـ قال عليهالسلام في ذمّ أتباع إبليس : «دَلَفَ بِجُنُودِهِ نَحْوَكُمْ ، فَأَقْحَمُوكُمْ وَلَجَاتِ الذُّلِّ ، وَأَحَلُّوكُمْ وَرَطَاتِ القَتْلِ ، وأَوْطَؤوكُمْ إِثْخَانَ الجِرَاحَةِ ، طَعْناً فِي عُيُونِكُمْ ، وحَزّاً فِي حُلُوقِكُمْ ، ودَقّاً لِمَنَاخِرِكُمْ ، وقَصْداً لِمَقَاتِلِكُمْ ، وسَوْقاً بِخَزَائِمِ اَلْقَهْرِ إِلَى النَّارِ المُعَدَّةِ لَكُمْ»(١).
وقد عرض البحراني في شرحه قول الإمام عليهالسلام هذا للتوجيهات النحوية التي ذكرها الشرّاح قبله في توجيه نصب (إثخان) ، ونصب المصادر الخمسة (طعناً وحزّاً ودقّاً وقصداً وسوقاً) فقال : «وانتصبَ (إثخان الجراحة) على أنَّه مفعول ثان لـ : (أوطؤوكم). قال بعض الشارحين : انتصب (طعناً وحزّاً ودقّاً وقصداً وسوقاً) على المصادر عن أفعالها المقدّرة ، ومَن روى (لإثخان الجراحة) ـ بوجود اللام ـ فيحتمل أن يجعل (طعناً) مفعولاً ثانياً لـ : (أوطؤوكم) ويكون اللام في (الإثخان) لامَ الغرض ، أي : أوطؤوكم طعناً وحزّاً ودقّاً ليثخنوا الجراحة فيكم ، قال : ويكون (قصداً وسوقاً) خالصين للمصدرية ، لبُعدِهما عن المفعول به ، والأظهرُ هو الوجهُ الأوّل ، أعني : كون كلّ منها مصدراً لفعله»(٢). ونلحظ من نصّ البحراني توجيهات نحوية مختلفة لم ينسبها إلى أصحابها ، ومحاولة منه لاستظهار وجه من هذه الوجوه وترجيحه ، ويمكن تفصيل هذه الآراء ونسبتها إلى مَن قالها على النحو
__________________
(١) نهج البلاغة (الخطبة ١٩٢) : ٣٨٧.
(٢) شرح نهج البلاغة ٤ / ٢٩٧.