لجاز أن يكون في النّاس من يخبره (١) الجماعة الكثيرة عن مشاهدة ولا يعلم مخبرهم ، وتجويز ذلك يقتضى أن يصدّق (٢) من خبّرنا عن نفسه بأنّه لا يعلم أنّ في الدّنيا بلدا (٣) يعرف (٤) بمصر وما جرى مجراها.
وأمّا (٥) البلخيّ ؛ فإنّه يتعلّق (٦) في نصرة مذهبه بأن يقول : لا يجوز أن يقع العلم الضّروريّ بما ليس بمدرك ، ومخبر الإخبار عن البلدان أمر غائب عن إدراك من لم يشاهد ذلك ، فلا يجوز أن يكون ضروريّا ، لأنّه لو جاز أن يكون العلم بالغائب عن الحواسّ ضروريّا ؛ جاز أن يكون العلم بالغائب عن الحواس ضروريا ؛ جاز أن يكون العلم بالمحسوس مستدلاّ عليه.
وربَما تعلّق في ذلك بأنّ العلم بمخبر الأخبار إنّما يحصل بعد تأمّل أحوال المخبرين بها وصفاتهم ، فدلّ ذلك على أنّه مكتسب.
فيقال له في شبهته (٧) الأولى : لم زعمت أنّ العلم بالغائب عن الحس لا يكون ضروريّا ؟ ! أ (٨) وليس الله تعالى قادرا على فعل
__________________
(١) الف : يخبر.
(٢) ج : نصدق.
(٣) الف : بلد.
(٤) ب : تعرف.
(٥) ب : فاما.
(٦) ب : متعلق.
(٧) ب : الشبهة.
(٨) ب : أ.