اعتقاد المخبر أم لا ، على خلاف النظام(١).
[تحريرُ كلامه] حيث جعل «صدق الخبر مطابقته لاعتقاد المخبر مطلقاً ، وكذبه عدم المطابقة كذلك ، فجعل قولَ القائل : السماءُ تحتنا ، معتقداً ذلك ، صدقاً. وقوله : السماءُ فوقنا ، غير معتقد ذلك ، كذباً ؛ مُحتجّاً بقوله تعالى : (إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُوْنَ) .... إلى قوله : (وَاللهُ يَشْهَدُ إِنّ الْمُنَافِقِيْنَ لَكَاذِبُوْنَ) (٢) ، حيث شهِدَ اللهُ تعالى عليهم بأنّهم كاذبون في قولهم : (إِنَّكَ لَرَسُوْلُ الله) ، مع أنّه مطابقٌ للواقع ، حيثُ لم يكن موافقاً لاعتقادهم فيه ذلك ، فلو كان الصدقُ عبارة عن مطابقةِ الواقع مطلقاً لما صحَّ ذلك.
وأجُيبَ :
١ ـ بأنّ المعنى : لكاذبون في الشهادة ، وادّعائهم فيها : مواطاة قلوبهم لألسنتهم.
فالتكذيب راجعٌ إلى قولهم : نشهدُ ، باعتبار تضمّنه خبراً كاذباً ، وهو أنّ شهادتهم صادرةٌ عن صميم القلب وخلوص الاعتقاد ، بشاهد تأكيدهم الجملة بـ : (إنّ ، واللام ، والجملة الإسمية).
٢ ـ أو أنَّ المعنى : لكاذبون في تسمية هذا الإخبار : شهادة. أو في المشهود به : أعني قولهم : إنّك لرسولُ الله ـ في زعمهم ـ لأنّهم يعتقدون أنّه غيرُ مطابق للواقع ، فيكون كذباً عندهم ، وإن كان صدقاً في نفس الأمر ، لوجود مطابقته فيه.
__________________
(١) نظام الدين الحسن بن محمّد القمي (ت ٨٥٠ هـ).
(٢) المنافقون : ١.