معنيين هما : «حقيقي ، نحو : أمسكت الحبل بيدي ... الثاني : التعدية : وباء التعدية هي القائمة مقام الهمزة ، في إيصال معنى اللازم إلى المفعول به. نحو (ذَهَبَ اللهُ بِنُوْرِهِم)»(١).
وجعل المبرّد معنىً آخر مستقلاًّ عن (الإلصاق) هو (الاستعانة) ، قال في حروف الجرِّ : «ومنها الباءُ التي تكون للإلصاق والاستعانة ، فأمّا الإلصاق فقولُك : (مررتُ بزيد ، وألممتُ بك) ، وأمّا الاستعانة فقولُك : كتبتُ بالقلم»(٢).
وقد وجد الباحث دلالات متعدّدة للباء في دعاء الإمام السجّاد عليهالسلام ومنها :
١ ـ في قوله عليهالسلام داعياً لتحصين حصون المسلمين من الأعداء : «وحصّن ثغور المسلمين بعزّتك ، وأيّد حماتها بقوّتك».
فقد تعدّدت دلالة الباء في هذا النصّ وتختلف دلالة النصّ بحسب هذه الدلالة ، فلو جعلنا دلالة الباء الإلصاق تكون دلالة النصّ : إنّ الإمام عليهالسلام يسأل الله تبارك وتعالى أن يمنَّ علينا بتحصين حدودنا ، وهذا التحصين مصحوب بالعزّة والمنعة ، وأن يرزق المجاهدين المرابطين في سوح الوغى تأييده ونصره ، وهذا التأييد يأتي مصحوباً بقوّة الله تعالى ، هذا المعنى الذي استشفّه الباحث من دلالة الباء الإلصاقية ، أمّا الدلالة الثانية التي تحتملها الباء في هذين الموضعين ، هي الاستعانة ويكون المعنى تبعاً لهذه الدلالة أنّ تحصين ثغور المسلمين يكون
__________________
(١) الجنى الداني ٣٦ ؛ ينظر : الأصول في النحو ١ / ٤١٢ ـ ٤١٣ ؛ المفصل : ٢٩٠ ؛ شرح المقدمة الجزولية الكبير ٢ / ٨٢٨ ؛ ارتشاف الضرب ٤ / ١٩.
(٢) المقتضب ١ / ٣٩.