والقسم الآخر : دراسات تنظر إلى دلالات هذه الحروف من معان مختلفة ، ومن هذه الدراسات «منازل الحروف للرمّاني ... عرض فيه لأهمّ الأدوات العربية ، فذكر المعاني المشهورة لها وضرب مثلاً لكلّ معنى»(١).
والذي يهمّنا من هذه الدراسات القسم الثاني ، إذ تعدّدت دلالات النصّ باختلاف المعنى الذي يؤدّيه الحرف ، وقد وردت دلالات متعدّدة لحروف مختلفة في دعاء الإمام السجّاد عليهالسلام ، منها :
دلالة الحرف (باء) :
الباء من الناحية النحوية حرفٌ مختصّ بالأسماء ، ولهذه العلّة تعمل الجرّ في الاسم(٢) ، أمّا من الناحية الدلالية ، فقد تعدّدت دلالات هذا الحرف بحسب السياق ، مع أنّها ترجع في الأصل إلى معنى جامع هو الإلصاق(٣) ، وهو الذي اكتفى به سيبويه ولم يذكر غيره ، وسمّاه (الإلزاق) ، قال : «وباءُ الجرِّ إنَّما هي للإلزاق والاختلاط ، وذلك قولُكَ : خَرَجْتُ بِزيد ، ودَخَلْتُ بِهِ ، وضربتُه بالسَّوْطِ : ألزقتَ ضَرْبَكَ إيَّاه بالسَّوْطِ ، فما اتَّسَعَ مِنْ هذا في الكلام فهذا أصلُهُ»(٤).
وتابعه في ذلك ابن السرّاج ، ومَن جاء بعده ، وجعل المرادي للإلصاق
__________________
(١) اللامات : الهروي (مقدّمة المحقّق) : ٢٠.
(٢) ينظر : الجنى الداني : ٣٦.
(٣) ينظر : المقتضب ١ / ١٧٧ ؛ حروف المعاني (الزجاجي) : ٤٧ ؛ الصاحبي في فقه اللغة : ١٣٨.
(٤) كتاب سيبويه ٤ / ٢١٧.