المبحث الثاني
دلالة حروف المعاني
يعدُّ الحرف القسم الثالث من الكلم ، وعناه سيبويه بقوله : «وأمَّا ما جاءَ لِمَعْنىً ، وليسَ بِاسْم ، ولا فِعْل ، فنحو : ثُمَّ ، وسوفَ ، وواو القسم ، ولام الإضافة ، ونحوها»(١) ، فهو لفظ ليس له معنىً في نفسه ، وإنّما يتّضح في غيره(٢).
وكان عمل النحويّين فيما يخصّ الحرف على نوعين :
الأوّل : درسوا هذه الأدوات من حيث عملها ، فقد شملت هذه الدراسات حروف المعاني في تناولها «قواعدَ النَّحْوِ إجمالاً ، فهي إذاً لا تَفْصِلُ الأدواتِ عن القواعدِ الأمِّ ، وإنَّما تنظرُ إليها على أنَّها جُزْءٌ وثيقٌ منها ، فكتابُ سيبويه ـ مثلاً ـ غنيٌّ بمباحثِ الحروفِ وأشكالِ ورودِها في كلامِ العربِ ، ولكنَّه لم يَعْقِدْ فَصْلاً خاصّاً بكلِّ أداة ، لِيُعَدِّدَ معانيها ويذكرَ أحكامَها ، وإنَّما تَتَفَرَّقُ فيه هذه المعاني بين ثنايا الكتابِ ، فهو قدْ يَذْكُرُ الأداةَ ضِمْنَ أُسْرَتِها ، كقوله : (بابُ ما يعملُ من الأفعالِ فيجزمها وذلك : لمْ ، ولمّا ، واللامُ التي في الأمْرِ)»(٣) ، وما عملَه الزَّجَّاجي في كتابه اللاّمات ، إذ جمع الأحكام النحويّة لكلّ حرف(٤).
__________________
(١) كتاب سيبويه ١ / ١٢.
(٢) ينظر : الجنى الداني في حروف المعاني ١ / ٦.
(٣) رصف المباني (مقدّمة المحقّق) : ١٣.
(٤) ينظر : كتاب اللاّمات ، الزجّاجي : ٣١ ؛ اللامات : الهروي (مقدّمة المحقّق) : ٢٠.