ليهجموا على بلاد المسلمين الآمنة.
ويعضد هذا المعنى قوله تعالى : (وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَراً إِنْ هَذَا إلاّ مَلَكٌ كَرِيمٌ * قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ) (١) ، فكانت هؤلاء النسوة يلمْنَ امرأة العزيز لأنّها عشقت فتاها ، فكادت لهنَّ هذه المكيدة ، حتّى رأينهَ فدُهِشْنَ من جماله عليهالسلام فقطّعنَ أيديهنّ ، فقالت لهنّ : «عيَّرْتُنّني في الافتتان به حيث رَبَأْتُنّ بمحلِّي بنسبتي إلى العزيز ، ووضعتُنَّ قدرَه بكونه من المماليك أو بالعنوان الذي وصفْنه به فيما سبق بقولهنّ : امرأةُ العزيز عشِقت عبدَها الكَنعاني ، الذي صوّرتُنّ في أنفسكنّ وقلتنّ فيه وفيّ ما قلتنّ ، فالآن قد علمتُنّ مَن هو وما قولُكنّ فينا» فإنّ لوم هؤلاء النسوة لامرأة العزيز إنّما كان بسبب يوسف أو بسبب حبِّها له(٢).
أمّا الدلالة الأخرى التي تُفهَم من (في) في هذا النصّ المبارك ، فهي الدلالة الأمّ لهذا الحرف ، وهي الظرفية ويكون المعنى حينئذ : أنّ الإمام عليهالسلام يسأل الله تعالى أن يرزق عباده لطفه وتأييده ونصره ، في حال مكر الأعداء لهم ، فهم قد جيَّشوا الجيوش وشوّشوا عقول الناس ، تمهيداً للانقضاض على بلاد الإسلام ، فعاثوا الخراب والدمار في العباد والبلاد ، فالإمام عليهالسلام يدعو الحقّ تعالى أن يعين المجاهدين بعونه ولطفه في حال مكر الأعداء بهم. والله أعلم.
ويتراءى للباحث صحّة المعنيين (التعليل والظرفية) ، ففيهما من المعاني
__________________
(١) سورة يوسف ، من الآية ٣١ ـ ٣٢.
(٢) ينظر : مغني اللبيب ١ / ١٦٨.