التي تعين المجاهد ـ لو وعاها ـ على جهاد أعدائه ، فيعتقد تمام الاعتقاد أنّه بعين الله يحميه من مكر الكفّار.
دلالة الحرف (عن) :
(عن) حرف جرّ ، ولها معان متعدّدة ، إلاّ أنّ أصلها المجاوزة ، ولم يثبت البصريّون سواه لها(١) ، ومثله قولهم : «رميت عن القوس : لأنّه يقذف عنها بالسهم ويبعده. ولكونها للمجاوزة عُدّي بها : صدّ ، وأعرض ، ونحوهما ، ورغب ، ومال ، إذا قصد بهما ترك المتعلّق. نحو : رغبت عن اللهو ، وملت عنه»(٢). أمّا المعاني الأخرى الفرعية عن هذا الأصل فهي : (البدل ، والاستعلاء ، والاستعانة ، والتعليل ، وضمَّنوها معنى (في) ومعنى الظرف (بعد). وقد ورد هذا الحرف في دعاء الإمام السجّاد عليهالسلام يحتمل أكثر من دلالة يختلف المعنى بحسب كلِّ دلالة ، ومنها
١ ـ في قول الإمام عليهالسلام : «اللهمّ اشغل المشركين بالمشركين عن تناول أطراف المسلمين ، وخذهم بالنقص عن تنقّصهم ، وثبّطهم بالفرقة عن الاحتشاد عليهم».
فالدلالة الأولى التي تُفهَم من (عن) في هذا النصّ هي المجاوزة ، وعلى هذه الدلالة يكون معنى النصّ ، أنّ الإمام عليهالسلام يسأل الله تبارك وتعالى أن يكون انشغال المشركين بعضهم ببعض وهذا الإنشغال يكون مجاوزاً المسلمين وبعيداً
__________________
(١) ينظر : الجنى الداني في حروف المعاني ٢ / ٣٣.
(٢) المصدر نفسه ٢ / ٣٣.