عن حدودهم ، حتّى يأمن المسلمون أذى المشركين واعتداءاتهم.
أمّا الدلالة الأخرى التي يستشفّها الباحث من النصّ هي البدليّة ، فالإمام عليهالسلام يدعو الله تعالى أن ينشغل المشركون بأنفسهم حتّى توهَن قواهم ، بدلاً من مهاجمة بلاد المسلمين ، وأن يأخذهم النقص بالأموال والجنود ، بدلاً من أن يتسبّبوا في احتلال بلادنا وينهبوا خيراتنا ممّا يتسبّب بنقص المؤنة للمسلمين ، وأن تصيبهم الفرقة والتشتّت بدلاً من توحيد صفوفهم وتحشيدها لغزو بلاد الآمنين.
ويسند هذا المعنى قوله تعالى : (إنّ الّذِيْنَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئَاً) (١) ، فالآية المباركة تبيّن حال الكفّار الذين لا يؤمنون بالبعث ولا بالحساب ، فيخبرهم الحقّ تعالى أنَّ أموالكم التي جمعتموها وأولادكم على كثرتهم لن تكون في العذاب بدلاً عنهم(٢).
٢ ـ في قوله عليهالسلام : «اللهمّ وقوِّ بذلك محالّ أهل الإسلام ، وحصّن به ديارهم ، وثمّر به أموالهم وفرّغهم عن محاربتهم لعبادتك ، وعن منابذتهم للخلوة بك حتّى لا يعبد في بقاع الأرض غيرك».
لمَّا فرغ الإمام عليهالسلام من سؤاله الله تعالى أن يوهن كيد الكافرين ، ويُضعف قوّتهم العددية والاقتصادية وغيرها ، يبيِّن عليهالسلام أنّه إن ضعف المشركون انشغل بعضهم ببعض ، وتقوى بذلك شوكة المسلمين ، وتكون بلادهم درعاً حصينة
__________________
(١) سورة آل عمران ، من الآية ١٠.
(٢) ينظر : الوجيز ١ / ٣٨٤.