بوجه الغزاة ، ويسود البلاد والعباد الأمن والطمأنينة والرخاء ، فإذا أمِن المسلمون التجؤوا إلى الحقّ تبارك وتعالى يعبدونه ، ويناجونه ليل نهار.
وقد ورد الحرف (عن) في هذا النصّ المبارك للإمام عليهالسلام واحتمل الباحث فيه دلالتين يختلف معنى النصّ تبعاً لكلّ دلالة منهما ، وهما :
الدلالة الأولى : المجاوزة ، ويكون المعنى بحسب المجاوزة : أن يتفرّغ المجاهدون إلى عبادة الحقّ تعالى منصرفين عن قتال المعتدين ، وأن يناجوه عزّ وجلّ ، وهم قد تجاوزوا وانصرفوا عن مناوشة الأعداء ومراقبتهم ، فالمشركون لا يؤمَنون بأيّة لحظة قد يهجمون على البلاد ، ولهذا سأل الإمام عليهالسلام الله تعالى أن يوهنَ كيدهم ويشغل بعضهم ببعض ويفرّقهم حتّى يأمن المسلمون ، وينصرف المجاهدون عن قتال الكافرين إلى عبادة الله ومناجاته.
الدلالة الأخرى : البدليّة ، ويكون المعنى هنا : أنّ الإمام (صلوات الله عليه) يسأل الله تبارك وتعالى أن يُنعم على المجاهدين ، أنّهم بدلاً من قضاء نهارهم وليلهم وهم يدافعون عن بيضة الإسلام ، يحمون الأرض والعرض ، لا يعلمون متى يهجم عليهم الكافرون ، بدلاً من حالهم هذا أن يفرّق شمل الكافرين ويوهن قواهم ، وأن يبتليهم بنقص أموالهم وعددهم ، فإذا كان هذا انشغل المجاهدون باللقاء الإلهي ، ومتّعوا أنفسهم بلذّة الدعاء والمناجاة مع المعشوق الأزلي سبحانه وتعالى بدلاً من حالتهم الأولى.
ويرى الباحث أنّه وإن اختلفت دلالة الحرف (عن) في هذا المقطع من دعاء الإمام ، ففي كلتا الدلالتين معنى يُحفِّز المجاهد على جهاده ، ويذَكِّره بعلّة