المجازي لبعض آيات القرآن ، تعدُّ من جملة بعض اعتقاداتهم بالنسبة للقرآن. فإنّ موضوع نظم القرآن يعدّ من قبيل هذه المسائل أيضاً ، حيث إنّ تشكيك البعض فيما يخص هذا الموضوع من جانب وشبهات المخالفين والملحدين من جانب آخر كانت جميعها تلعب دوراً مهمّاً في طرح هذه المواضيع ومناقشتها.
إنّ أهمّ التساؤلات في هذا المجال والتي شغلت أذهان متكلّمي المعتزلة في القرنين الثاني والثالث هي كالتالي : ما هي الخصائص التي ميّزت كلام الله عن كلام الفصحاء والبلغاء والخطباء والشعراء والكُهّان(١)؟ ومثل هذا السؤال لا يمكن تصوّر أنّه قد ظهر تلقائيّاً من غير تمهيد له من قبل ، أو أنّ أحد المتكلّمين ألقى مثل هذا السؤال ارتجالاً. لا يخفى أنّ مثل هذا الأمر لابد له أن يكون نتاجاً لما غرسته الأفكار والآراء السالفة من بذور في الأجواء العلمية في العقود السابقة ؛ على سبيل المثال ذُكر أنّ عيسى بن صبيح (ت ٢٢٦ هـ) المعروف بأبي موسى المردار وهو من تلامذة بشر بن المعتمر والذي كان كثيراً ما يدافع عن نظرية خلق القرآن ، فإنّه كان يعتقد أنّ الناس بإمكانهم أن يقلّدوا القرآن ويأتوا بمثله من حيث الفصاحة والنظم والبلاغة(٢). كذلك أبو الحسن الأشعري يحكي عن بعض المعتزلة مثل هشام بن عمرو الفوطي (ت قبل ٢١٨ هـ) وتلميذه عبّاد بن سليمان الصيمري (ت حدود ٢٥٠ هـ) إنكارهم إعجاز القرآن ودلالته على نبوّة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) (٣).
__________________
(١) الفكر الإسلامي في الردّ على النصارى : ٤٧٨ ؛ قارن : Wansbrough, p.٧٩.
(٢) الملل والنحل ١/٨٢ ـ ٨٣ ؛ الأنساب ١٢/١٨٧ ؛ وللحصول على نماذج أخرى انظر : تاريخ مدينة دمشق ٢٣/٢٧٩ ـ ٢٨٠. كذلك مقالات الإسلاميين : ٢٢٥.
(٣) الحكايات في مخالفات المعتزلة من العدلية : ٦٩ ؛ قارن : Van Ess, Vol/٤ p.٧,٤١,٦٠٩.