خاصّاً وسلوكاً ممتازاً في المسالك.
وكان ورودي في (سامرّاء) السنة السادسة والتسعين بعد الألف ومائتين وكان عزيمتي على الرجوع إلى طهران في سنة واحد وثلاثمائة بعد الألف ، ولم يكن المرحوم طاب ثراه راضياً بفراقي ولا زاعماً اشتياقي إلى العجم ، لكن كتب إليه والدي مستدعياً لترخيصي بالرجوع لطول المفارقة ، فبعث إليّ وأخبرني بكتابته وسألني عن رأيي وميلي.
فقلت : لا رأي لي أبداً وكلّ الأمر بيدك ، وأنا كَمَيِّت بين يدي الغسّال ، بيده التحويل والتقليب في جميع الأحوال ، فقال : أنا ما أرضى أن أخيّب أباك عمّا سألَني ، فاذهب إليه على العجالة ، وعلى التقدير الإحالة (لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً) (١) ، فاستأذنته الذهاب إلى العتبات العاليات لزيارة الوداع ، وأذن لي.
فسافرتُ إليها للزيارة والوداع وملاقاة أساتذتي وأحبّائي الذين لا يرجى بعد ذلك معهم الاجتماع ، فأجازوني وكتبوا لي الإجازة بغير استجازتي منهُم بالإجازة ، لما ثبت عندهم لذلك من اليمن والبركة وإظهاراً للطفهم بي بهذه الحركة ، فلم أزل اتشكّر من ذلك من حيث إنّه بغير سؤال منّي ولو بالإشارة أو إمارة يكون منّي هنالك ، فودّعتهم ورجعت إلى (سامرّاء) وأعطاني حضرة الأُستاذ زاد المسافر ، مظهراً للتحسّر من المفارقة.
وكان يُرجع بعد الفراق ووصولي إلى طهران بعض من يسأله من الرجوع في موارد احتياطاته المطلقة إليّ ، ولم يزل إظهار ألطافه بالحقير إليّ ، زاده الله تعالى
__________________
(١) سورة الطلاق : ١.