وعرفتهم في السفر السابق الذي زرتُ مجرّداً بغير علائق ، لكن ما مكّنوني من الجلوس في الصفّ الأوّل ، وأبيت عن الجلوس في الصفّ الثاني والآخر ، وجلست لصغر جثّتي بين الصفَّين في مقابل المنبر لا في أحد الطرفين ، بحيث أُواجه الأُستاذ ويواجهني إذا تكلّمت ، ولا يقدر على جوابي غيره إذا اعترضتُ عليه أو عن شي سألت.
فلمّا مضى عليّ أيّام وأهلّ الشهر الجديد وأرسل للطلاّب ما كان معيّناً لهم من المشاهرة(١) ، بعث لي مبلغاً علمته شهريتي مراعياً حيثيّتي ، فحمدتُ الله تعالى على ما أنعم.
فمضى عليّ ثلاثة أشهر أو أربعة على هذا المنوال من حيث محلّ الجلوس في الدرس ، ومن حيث المشاهرة من غير اختلاف واختلال ، وعند ذلك عمد أصدقائي الجالسين في الصفّ الأوّل على إدخالي فيه ، ويوافقني بعض أفاضل الأصحاب كالحاجّ ميرزا إسماعيل ابن عمّه وأخ زوجته ، والسيّد السند المعتمد الآقا السيّد محمّد الإصفهاني ، والجناب المستطاب الميرزا محمّد إبراهيم الشيرازي ، المحسوبين من أفضل أفاضل أصحابه ، واستقرّ أمر الجلوس على ذلك وانقطعت المشاهرة المعمولة للطلاّب ، لكنّه كان يعطيني بنفسه بعد عدّة أشهر(٢) مبلغاً معتدّاً به ، لكون معاملته مع من في الصفّ الأوّل كذلك لكون ذلك تكريماً
__________________
(١) أي : ما يعطوه للطالب آخر الشهر.
(٢) في المخطوط : (لكن يعطيني بنفسه خلاف عدّة) بدل من : (لكنّه كان يعطي بنفسه بعد عدّة).