وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) (١) ، وأمر الإمامة من تمام الدين ، ولم يمض صلىاللهعليهوآله حتّى بيّن لأُمّته معالم دينهم ، وأوضح لهم سبيلهم ، وتركهم على قصد سبيل الحق ، وأقام لهم عليّاً علماً وإماماً وما ترك لهم شيئاً تحتاج إليه الأمّة إلاّ بيّنه ، فمن زعم أنّ اللّه عزّوجلّ لم يكمل دينه فقد ردّ كتاب اللّه ، ومن ردّ كتاب اللّه فهو كافر به» .
الإمامة إذَنْ كمال الدين ، فكيف يُعقل أن يدع اللّه من لا معرفة له بالدين ولا اطّلاع له على غيب أن يكمل دينه ! ؟ هذه المعلومة الاُولى عن الإمامة ، أمّا المعلومة الثانية فهي إنّ الإمامة منزلة يخصّ اللّه فيها من يشاء : «إنّ الإمامة خصّ اللّه عزّوجلّ بها إبراهيم الخليل عليهالسلام بعد النبوّة ، والخلّة مرتبة ثالثة وفضيلة شرّفه بها وأشاد بها ذكره ، فقال : ( إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ) (٢) ، فقال الخليل سروراً بها : ( وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ) ، قال اللّه تبارك وتعالى : ( لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) ، فأبطلت هذه الآية إمامة كلّ ظالم إلى يوم القيامة وصارت في الصفوة ، ثمّ أكرمه اللّه تعالى بأن جعلها في ذريته أهل الصفوة والطهارة ، فقال : ( وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ * وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ ) (٣) فلم تزل في ذريّته يرثها بعض عن بعض قرناً فقرناً» .
فمن هنا يتّضح أنّها خاصة باللّه تعالى يورثها من يشاء من عباده فليس للعباد التدخل ومنحها حسب أهوائهم .
__________________
(١) سورة المائدة ٥ : ٣ .
(٢) سورة البقرة ٢ : ١٢٤ .
(٣) سورة الأنبياء ٢١ : ٧٣ .