الفرائض و العقار فأعطاهم ، فباعوا الدين بالدنيا ، وإنا رضينا بالآخره من الدنيا ، وبالعراق من الشام ، وبك من معاوية ، والله لآخرتنا خير من دنياهم ، ولعراقنا خير من شامهم ، ولإِمامنا أهدى من إمامهم ، فامنحنا بالصبر (١) ، واحملنا على الموت ، ثم نقل أشعاره التي قال في ذلك .
فقال علي عليهالسلام : حسبك رحمك الله ، وأثنى عليه خيراً وعلى قومه ، وانتهى شعره إلى معاوية ، فقال معاوية : والله لأستملين بالأموال أهل ثقات علي عليهالسلام ، ولأقسمنّ المال فيهم حتى تغلب دنياي آخرته (٢) .
أقول : ومن هذه القبيلة الجليلة حارث الهمداني المخاطب بمضمون الأبيات المشهورة:
يا حار همدان من يمت يرني |
|
من مؤمن أو منافق قبلا |
وفي الاُمور المذكورة أقصى الدلالة على منتهى تصلبهم في أمر الدين ، واطمئنان نفوسهم بإمامة أمير المؤمنين ، بخلاف سائر من كان معه من القبائل الذين انخدعوا بعطيات معاوية ، وطمعوا في إمارات الولايات ، حبّاً للدنيا الدانية ، ورجعوا عن إمام المتقين ، فبئسما اشتروا به أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون ، اللّهم اجعل محياي محيا محمّد و آل محمد ، واحشرني معهم بفضلك وكرمك ، فإنّك ذو الفضل العظيم .
١٤ـ كتاب أخبار جُرهم : لهذا الرجل المتقدم ، وأما ضبط جُرهُم على ما في المجمع بضم الجيم والهاء حي من اليمن ، وقد جاء في الحديث نقل أن جرهماً بين نتاج الملائكة وبنات آدم عليهالسلام .
__________________
(١) في المصدر : فاستفتحنا بالحرب وثق منّا بالنصر .
(٢) وقعة صفين : ٤٣٥ .