مستدرك رقم: (١) الجزء الأول: ٤٠ العلم، المعرفة، الدراية، هل هي ألفاظ مترادفة ام لا؟
سبر كلمات اللغويين هنا يظهر لنا اختلافا في المذاهب، فمنهم من مال إلى الترادف بين الدراية و العلم كما حكاه المصنف رحمه اللّه عن اكثر من واحد، و اضيف لهما المعرفة كما هو صريح الصحاح: ٢٣٣٥/٦ و هو كذلك مسامحة، و إلاّ فبينهما فرق ظاهر. و قد ذهب ابو بكر الزهري إلى أن الدراية بمعنى الفهم - فهي أخص من العلم -، قال: و هو لنفي السهو عما يرد على الانسان، و هو يدريه:
اي يفهمه، و حكي عن بعض اهل العربية أنّها مأخوذة من دريت إذا اختلت، و انشد:
يصيب فما يدري و يخطى فما درى ***
أي ما اختل فيه يفوته، و ما طلبه من الصيد بغير ختل يناله، و عليه تكون الدراية: ما يفطن الانسان له من المعرفة التي تنال غيره، فصار ذلك كالختل منه للاشياء، و هو لا يجوز على اللّه سبحانه.
أقول: الحق أن هناك فرقا آخر من جهة أن الدراية علم يشتمل على المعلوم من جميع وجوهه، لان الفعالة للاشتمال كالعمامة و القلادة و العصابة، و العبارة لاشتمالها على ما فيها، و أيضا في الفعالة معنى الاستيلاء كالخلافة و الامارة، فالدراية تفيد ما لا يفيده العلم من هذا الوجه، لما فيها من الشمول و الاستيلاء على المعلوم. و العلم اعم، فما في الفروق اللغوية: ٧٣ من القول بالاتحاد، بل و نسبة الاكثر الى الاكثر لا وجه له، الا ان يقال: ان هذا الفرق لا