موثّق - و قد مرّت عبارتهما في محلها - ثم قال:
أقول: لا يخفى أن العدالة بناء على تفسيرها بالملكة من الامور الباطنية لا تثبت إلاّ بكاشف قطعي أو شرعي، و منه كفاية مطلق الطريق الظني في ذلك كالاختبار بالمعاشرة و الصحبة الكاشفة بالاطلاع على جملة من أحواله الدالّة على ذلك و باشتهاره بين الناس خصوصا العلماء و المحدّثين بحيث تعاملوا معه معاملة العدل بالرجوع اليه و أخذ رواياته و ان لم يصرّحوا بتوثيقه كالصدوق رحمه اللّه و بحسن الظاهر، كل ذلك لما تقرر في محله من أن التعديل ممّا تتوفر به الدواعي و يعمّ به البلوى، فلو اقتصر فيه على العلم لزم المخالفة القطعية في كثير ممّا ترتب عليه من الأحكام فيجري فيه نظير دليل الانسداد كما في نظائره من الضرر و النسب و نحوهما، فيكون فيه مجرد الظن القوي البالغ درجة السكون و الاطمينان، مضافا الى ما تحقق من أن الظنون الرجالية معتبرة بقول مطلق عند من يعمل بمطلق الظن في الأحكام من غير حاجة الى أن التعديل من باب الشهادة أو الرواية، و ذلك لأن الظن في باب الرجال يوجب الظن بالحكم الفرعي الكلي، فيعتبر من هذه الجهة، و ان كان ظنا في الموضوع غير معتبر في حد نفسه، مضافا الى ما يظهر من تتبع أحوال السلف من النبي و الأئمة صلوات اللّه عليهم حيث جرت سيرتهم على حسن الظن، و الى الأخبار الظاهرة في ذلك، و في كفاية تزكية العدل الواحد في ذلك.
ثم قال: و بالجملة، لا عبرة بما هو المعروف في هذا الشأن من بناء المسألة على الخلاف في أن التزكية هل هي من باب الشهادة حتى يعتبر فيها التعدّد أو من باب الرواية حتى يكتفى بواحد، بل المدار في باب التزكية على صيرورة الخبر موثوقا به من أي سبب كان من غير اختصاص بتزكية العدل الواحد فضلا عن عدلين، بل يكفي تزكية غير الإمامي أيضا لو افاد قوله الظن كعلي بن الحسن بن فضال و كذلك في باب الجرح، بل بطريق أولى، لأن الأصل عدم