كون أكثر ما يعتقده جرحا ليس في الحقيقة جرحا (١). وقد قال الشهيد الثاني رحمه اللّه في شرح البداية (٢) : وقد اتّفق لكثير من العلماء جرح بعض ، فلمّا استفسر ذكر ما لا يصلح جارحا ، قيل لبعضهم : لم تركت حديث فلان ..؟ فقال : رأيته يركض على برذون.
وسئل آخر عن آخر ، فقال : ما أصنع بحديث من ذكر يوما عند حمّاد ، فامتخط حمّاد؟
وبالجملة ؛ لا شكّ في أنّ ملاحظة حاله ، توهن الوثوق بمقاله. انتهى المهمّ من كلام الوحيد (٣).
__________________
(١) ذكر ذلك في التكملة ناسبا له إلى الشيخ محمّد المذكور.
(٢) المسمّى ب : الرعاية في علم الدراية للشهيد الثاني : ١٩٥ ، الثاني في السبب الجارح.
(٣) وجاء بعض المعاصرين في قاموسه ٢٩٣/١ [طبعة جماعة المدرسين ٤٤٢/١ ـ ٤٤٣ تحت رقم (٣٥٠)] بعد حقبة من الزمن غير مرتض لكلام المولى الوحيد رحمه اللّه فقال : وممّا يضحك الثكلى كلام الوحيد من احتماله كون أكثر ما يعتقده ابن الغضائري جرحا ليس جرحا في الحقيقة ، وقد قال الشهيد الثاني : قد اتفق لكثير من العلماء جرح بعض فلمّا استفسر منه ذكر ما لا يصلح جارحا .. إلى ما نقله ، ثمّ قال : ما ملخّصه : إنّ ابن الغضائري لا نقّاد مثله بعد ابن الوليد الناقد لنوادر الحكمة وغيره بل هو فوقه .. إلى آخره .. إلى أن قال : ومن يقيس الأذكياء الفطنين على السفهاء والمغفّلين.
أقول : يحار المرء من أدب هذا الرجل وشدّة عفّة قلمه ، ولا أدري من أين اكتسب ذلك؟ بحيث تصدر على دست الشتم والسبّ لأعاظم الطائفة وأساطين العلم والتقوى ، وإنّي أتغاضّ عنه ، وأسأل من ذوي العلم والحجى بأنّ هذا المسكين من يعني بقوله (السفهاء المغفّلين)؟! هل يعني لا سمح اللّه بذلك الشهيد الثاني والوحيد البهبهاني ، وأسأل اللّه أن لا يعني شخصا منهما ، بل كتب هاتين الجملتين في سنته وإلاّ كان لنا معه موقف آخر! ثمّ لنا أن نتساءل أنّه متى ومن شرّع استبدال النقاش العلمي والبحث المنطقي بالسبّ والشتم ، والتعدّي على أساتيد العلم والتحقيق؟! وهل يحسب أنّه معصوم من الزلل والخطأ ، ولا يحتمل أنّ الشهيد والوحيد رضوان اللّه عليهما هما المصيبان؟ ـ