فتاب ، أو يكون له وجه صحيح مخفي علينا. انتهى.
وأقول : ليته اقتصر على الثاني ولم يبد الأوّل أصلا ؛ ضرورة غاية بعد كون غرض ابن عيسى كتم الشهادة بقصد الدوام ، وأن لا يظهرها بالمرّة ، لإباء عقله عن ذلك فضلا عن ديانته ، ضرورة التفات كلّ عاقل إلى أنّ أمر الإمام لا يدوم خفاؤه ، وأنّ كتمانه الشهادة لا نتيجة فيه. وإنّما ترك الشهادة أوّلا لغرض صحيح عقلائي شرعي لا نعرفه ، بعد اعتقاده بعدم وجوب تلك الشهادة عليه من حيث إنّ الإمامة لا تكفي فيها البيّنة ؛
أوّلا : لاعتبار العلم فيها وعدم إمكان البيّنة.
ثانيا : لأنّ تعدد الناقل عن الرسول لا يجدي ، بعد وحدة الرسول الناقل للتنصيص ، فلا ثمرة للشهادة بعد عدم تماميّة الحجّة في ذلك المجلس الّذي اجتمع فيه كبار الشيعة إلاّ حصر جهة المطلب في الجملة ، وتأسيس أساس إمامته عليه السلام حتّى يقطعوا النظر عن غيره ، ويجتهدوا في إثبات إمامته بطلب معجزة منه و .. نحوها. وخبر الواحد كان كافيا في تحصيل هذا المقصد ، فترك الشهادة لغرض له ، ولعلّه لتحريصهم (١) على طلب شهادته لتكون أوقع وأثبت. ونسبة الحسد المتقدّم نقله إليه مقطوعة الفساد ، فلا يرفع اليد عن
__________________
لا نعتقد عصمة المترجم ، وعدم إمكان صدور الزلل منه ، وحيث إنّ علماء الطائفة وفقهاءها وخبراء الجرح والتعديل أطبقوا على وثاقته وجلالته ، والاستناد إلى رواياته ، لا محيص من حمل ما نسب إليه على بطلان الرواية ، أو حملها على محمل صحيح ، ولو كان ما نسب إليه من كتمان الشهادة صحيحا عندهم للزمهم تضعيفه وترك رواياته وعدم الاعتماد عليه ، فمن ذلك كلّه نستكشف بطلان ما نسب إليه ، وعدم ثبوته عندهم ، فتدبّر.
(١) كذا ، وله وجه ، ولعلّه : لتحريضهم.