وأقول : إنّ النجاشي قدس سره ـ عند الإنصاف ـ أضبط من وجدناه من المصنّفين في الرجال ، فلا يمكن دعوى كون منشأ تضعيفه تضعيف ابن الغضائري ، إلاّ أنّ ذلك حيث لم يصرّح بذلك ، ونقله لقول ابن الغضائري ، بعد تضعيفه إيّاه في الحديث ، قرينة قويّة على إرادته الإشارة إلى منشأ تضعيفه ، وغرضه بقوله : ولا أدري كيف روى .. إلى آخره ، الإشارة إلى ردّ أحمد بن الحسين. مضافا إلى أنّ النجاشي رحمه اللّه لم يضعّف الرجل من حيث هو ، بل ضعّفه في الحديث ، مريدا بذلك أنّه ثقة ، إلاّ أنّ أحاديثه ضعيفة من جهة تضمّنها الأعاجيب .. فظهر أنّ منشأ غمز النجاشي كلام ابن الغضائري على توقّف له فيه لمعارضته برواية شيخيه الثقتين عنه. ولو فرضنا عدم كون منشأ تضعيف النجاشي تضعيف ابن الغضائري ، فلا أقلّ من كون منشأ تضعيفه تضعيف غيره ، الناشئ من رواية الأعاجيب.
بقي هنا شيء ، وهو أنّه سيأتي إن شاء اللّه تعالى في ترجمة : محمد بن أحمد بن يحيى ، نقل استثناء ابن الوليد والصدوق رحمهما اللّه من رواياته ما رواه عن جمع ، منهم : جعفر بن محمد بن مالك. واستصواب أبي العباس ابن نوح استثناء هما هذا. والجواب عن ذلك : أنّ استثناء هما الجماعة من روايات محمد ابن أحمد بن يحيى لخصوصية فيها لا للقدح في هؤلاء ، كما يشهد بذلك :
أولا : إنّ فيهم من هو مسلّم الثقة ، والعدالة ، والضبط ، والاعتبار.
وثانيا : إنّ الصدوق رحمه اللّه قد روى عن الرجل روايات عديدة بغير طريق محمد بن أحمد بن يحيى ، فلو كان استثناؤه لغمز في الرجل ، لم يرو عنه جملة أخبار ليس في طريقها محمد بن أحمد بن يحيى.
فبان من ذلك كلّه أنّ الرجل بحمد اللّه سبحانه من الثقات ، واللّه العالم.