قَالَ: «حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ اَلْحُسَيْنِ، عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ: أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ قَالَ: وَ اَللَّهِ لَتُقْتَلَنَّ بِأَرْضِ اَلْعِرَاقِ وَ تُدْفَنُ بِهَا. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ، مَا لِمَنْ زَارَ قُبُورَنَا وَ عَمَّرَهَا؟ فَقَالَ: يَا أَبَا اَلْحَسَنِ، إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ قَبْرَكَ وَ قَبْرَ وُلْدِكَ بِقَاعاً مِنْ بِقَاعِ اَلْجَنَّةِ وَ عَرْصَةً مِنْ عَرَصَاتِهَا، وَ إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ قُلُوبَ نُجَبَاءَ مِنْ خَلْقِهِ وَ صَفْوَةٍ مِنْ عِبَادِهِ تَحِنُّ إِلَيْكُمْ وَ تَحْمِلُ اَلْمَذَلَّةَ وَ اَلْأَذَى فِيكُمْ فَيَعْمُرُونَ قُبُورَكُمْ، وَ يُكْثِرُونَ زِيَارَتَكُمْ تَقَرُّباً مِنْهُمْ إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى، وَ مَوَدَّةً مِنْهُمْ لِرَسُولِهِ، أُولَئِكَ-يَا عَلِيُّ-اَلْمَخْصُوصُونَ بِشَفَاعَتِي اَلْوَارِدُونَ حَوْضِي، وَ هُمْ زُوَّارِي غَداً فِي اَلْجَنَّةِ.
يَا عَلِيُّ، مَنْ عَمَّرَ قُبُورَكُمْ وَ تَعَاهَدَهَا فَكَأَنَّمَا أَعَانَ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ عَلَى بِنَاءِ بَيْتِ اَلْمَقْدِسِ، وَ مَنْ زَارَ قُبُورَكُمْ عَدَلَ ذَلِكَ ثَوَابَ سَبْعِينَ حَجَّةً بَعْدَ حَجَّةِ اَلْإِسْلاَمِ، وَ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ حَتَّى يَرْجِعَ مِنْ زِيَارَتِكُمْ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ، فَأَبْشِرْ وَ بَشِّرْ أَوْلِيَاءَكَ وَ مُحِبِّيكَ مِنَ اَلنَّعِيمِ وَ قُرَّةِ اَلْعَيْنِ بِمَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ وَ لاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ وَ لاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ.
وَ لَكِنَّ حُثَالَةً مِنَ اَلنَّاسِ يُعَيِّرُونَ زُوَّارَكُمْ بِزِيَارَتِكُمْ كَمَا تُعَيَّرُ اَلزَّانِيَةُ بِزِنَاهَا، أُولَئِكَ شِرَارُ أُمَّتِي لاَ نَالَتْهُمْ شَفَاعَتِي وَ لاَ يَرِدُونَ حَوْضِي» ١.
و ها نحن عازمون على ترتيب زيارة قبورهم و مشاهد حضورهم للمعنى المقصود، و متعرضون بذلك لنفحات الكرم و الجود. فمن كان حاضرا عند تلك المحال الطواهر، زارها على ما سيأتي من الشرح المتناصر. و من كان بعيد الدار و معذورا في ترك الحضور، فحكمه الإيماء بالزيارة و فعلها على الوجه المذكور، و من وفقه اللّه للسفر فسنذكر ما يتعلق به على الوجه اللطيف إن شاء اللّه تعالى.
١) رواه المفيد في مزاره:١٩٧/١٢، و الطوسي في التهذيب ٦:٢٢/٥٠ و ١٠٧/١٨٩، و المصنف في فرحة الغري:٧٦.