و لا مناص من القول بانّ هذه المناهج، و رغم كونها اقرار و تسليم و بيعة لاولئك التقاة المطهّرين الذين أذهب اللّه تعالى عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا، فانها في عين الوقت عملية ارتقاء روحية بالزائر تنتشله من ربقة الأطر المادية الزائفة الباهتة، و تحلّق به بعيدا في عالم الملكوت العظيم، حيث المثل الاسلامية العليا، و التجسيد الفعلي لها بكل أبعادها و سماتها، و بالتالي الولوج السليم من خلال أبواب الدعاء و الاستجابة التي أوصى اللّه تعالى عباده بالتمسّك بها، و السؤال بكراماتها.
نعم، إنّ هذا التمسّك الواعي و المتواصل بالزيارات الخاصّة بأهل البيت (عليهم السّلام) و المثابرة عليها-و ضمن المناهج السليمة لها، و القواعد التي يجب ان تخضع لها-يعد بلا أدنى شك واحدا من أرفع الأساليب الموصلة الى ابتغاء الوسيلة المقرّبة للّه تبارك و تعالى، و المفضية الى باحات رحمته الوارفة، و رياض عطاءاته السابغة.
و من هنا، فقد تعاهد الكثير من علماء الطائفة و مفكروها-و على امتداد الدهور-هذه الشجرة الطيبة المباركة بالرعاية و العناية، و الشرح و التهذيب، حتى أغنوا بجهودهم المتواصلة و الحريصة مكتبة الدعاء و الزيارة بالكثير من المؤلّفات و الأسفار التي أصبحت كالتمائم التي لا تنفك الشيعة من التعلّق بها، و التمسّك بمضامينها.
و لعل السيّد علي بن موسى بن طاووس الحلّي (رحمه اللّه) يعد-بلا مغالاة-واحدا من أوسع و أبرع من خلّف للامّة تراثا غنيا و كبيرا-قل نظيره- في هذا المنحى الكريم و المقدّس، و حيث تشهد بذلك مكتبته الكبيرة، رغم ضياع الكثير منها-كما هو معروف لدى الفضلاء و العلماء و الباحثين-