إليه في قوله تعالى-و قد كشف عن الالتباس-: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّ?اسِ ١فلما كانوا أحق بنشر ألوية الهداية، و أولى بالعناية و الرعاية، وجب في حكمته و إرشاده، أن ينصب لهم أعلاما على مراده.
و لا جرم فقد فعل سبحانه و تعالى بعباده فعل الشفيق اللطيف، و نصب لهم الأعلام على انقضاء التكليف، فقال ي?ا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اَللّ?هَ وَ أَطِيعُوا اَلرَّسُولَ وَ أُولِي اَلْأَمْرِ مِنْكُمْ ٢فدلّ على وجود من طاعته كطاعة اللّه و الرسول، بدلالة العطف و إطلاق الأمر الموصول، و عموم هذه الطاعة، و الوقت وقت البيان، يقتضي عصمة المطاع في السر و الإعلان، ليأمن المطيع من خلل الطاعة، و ليحرس التكليف عن الإضاعة.
و كل من قال بوجوب ذلك من الأنام، حكم بدوام جنسه مع بقاء الأيام.
و لو لا رحمة اللّه بثبوت هذا المعنى و تمامه، و إلاّ كان سبحانه قد منعنا من لطفه و إنعامه، ما خص به رسوله و أبناء أيامه، حوشي ربنا العادل الرحوم أن يريد منا مثل مراده منهم، ثم يقصر بنا في رحمته و لطفه عنهم. كيف و هو القائل لرسوله على رؤوس الأشهاد إِنَّم?ا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ ه?ادٍ ٣و في بعض ذلك دلالة على الإشارة.
فأما تعيينهم صلوات اللّه عليهم، فشهد صريح العقل أن الحكيم لا يؤتي حكمته جاهلا، و لا يملّك أمانته مضيعا غافلا، و لا يسند إصلاحه إلى مفسد في الفعال و المقال، و لا يضع دلالته موضع التخيير و الإهمال، و انه متى فعل ذلك فقد نقض ما بناه، و جعل الحجة لمن عصاه.
محال وجود النور في بيت ظلمة و ان يهتدى في ظل حيران حائر
١) آل عمران ٣:١١٠.
٢) النساء ٤:٥٩.
٣) الرعد ١٣:٧.