إستصحاب الحكم الشرعي المستكشف بالحكم العقلي
قابل للتعبد. ولا للتعبد بملازمه شرعاً، إذ ليس التلازم شرعياً - معقول إذا ترتب على التعبد بأثره بالاضافة إلى المستصحب أثر شرعي .
ومما ذكرنا تبين أن القول بعدم جريان الاستصحاب للشك في بقاء موضوعه. لا يصح إلا في هذا القسم وأما القسم الأول، فالحكم والموضوع مقطوع الارتفاع فيه، لا لأن الحاكم هو العقل، ولا يعقل الشك في حكمه ؛ إذ فيه :
أولاً : ما عرفت من عدم الحكم للعقل إلا التعقل والادراك ، فلا محالة يكون ثبوت المدرك من غير ناحية العقل - الذي فعلية حكمه فعلية التعقل - بل من ناحية العقلاء كما أقمنا البرهان عليه في مباحث القطع والانسداد .
وثانياً: إذا كان المناط في حكم العقل عنواناً لموضوعه ، ولأجله يشك في بقاء الموضوع، فكيف يتصور القطع بعدم حكم العقل ؟ مع أن العلة والمعلول متلازمان قطعاً، وظناً، وشكاً .
فاذا كانت العلة مشكوكة ، فلا محالة يكون المعلول مشكوكاً ، لا مقطوع العدم سواء اريد به حكم العقل أو حكم الشرع إذ المفروض أنه لاعلة له إلا ما هو العلة الحكم العقل.
فهو شاهد على ما ذكرنا أن الاضرار بعنوانه الملتفت إليه، الصادر بالاختيار هو المناط ، والموضوع لحكم العقل بالذم ، وهو بعينه موضوع حكم الشرع .
ومع عدم هذا العنوان - المتقوم عليته وموضوعيته بالالتفات، والقصد، والعمد إليه وجداناً لا حكم بالذم عقلاً، ولا بالعقاب شرعاً، من دون انثلام قاعدة التلازم بين العلة والمعلول في جميع المراتب.
ومما ذكرنا اتضح أيضاً : أن انتفاء الحكم العقلي - المستلزم للمحكم الشرعي - ليس من باب انتفاء الكاشف والواسطة في الاثبات فقط ليقال - كما في المتن بأن انتفاء الكاشف لا يستدعي انتفاء المكشوف .
غاية الأمر أن العقل لا استقلال له إلا في تلك الحال، وهو لا يقتضي عدم المناط واقعاً، حتى يحكم بانتفاء الحكم شرعاً، وذلك لأن المناط - وهو الاضرار - ليس بوجوده الواقعي مناطأ ليعلم ويشك فيه تارة اخرى بل بوجوده في وعاء وجدان
(۱) ج ۳: مبحث حجية القطع : عند بيان معنى وجوب العمل بالقطع عقلاً: التعليقة : ٦ ٩ ١٠ .
ومبحث الانسداد عند بيان حقيقة الاحكام العقلية المتداولة في الكتب الكلامية والأصولية، التعليقة ١٤٤.....