المفرطين. إلاّ أنّ الإشكال في ناقل ذلك ، وهو أبان بن أبي عيّاش كما تقدّم في ترجمته (١) ، ونحن وإن لم نطمئنّ بذلك الكلام ، إلاّ أنّا لم نقف على ما يدرجه في الثقات ، بل ولا الحسان ، لقوة احتمال كون إظهاره التوبة والتلهف والندم من باب ما ذكروه عنه ، من أنّه كان يلقّى الناس بما يهوون ، وأنّه لا يعتقد مذهبا يدوم عليه ، فإنّ هذا أحد وجوه الجمع بين ما تقدّم في ذمّه ، وما نقله سليم [كذا] عنه من ندمه ، ولا حكومة على هذا الحديث التوبة ، على ما تسالم عليه أصحابنا من ذمّه (٢).
__________________
(١) في صفحة : ٦٤ من المجلّد الثالث.
(٢) أقول : اتفق أصحابنا الإماميّة من الفقهاء وأرباب الجرح والتعديل على ضعفه وانحرافه ، واتّفق أرباب الجرح والتعديل من العامة على أنّه مدلّس ، أو أنّه يرسل كثيرا ، وما أرسل فليس بحجّة ، هذا ؛ ثم بعد البحث والتنقيب عن سيرة الرجل وعقيدته من أقواله وأفعاله الكاشفة عن سريرته ، نرى أنّه تارة يمدح أمير المؤمنين عليه السلام بما هو أهله وأخرى يجابهه بما لا يجابه به مثله ، مثل قوله : ألا تمضى قدما لا أبا لك .. أو قوله : ما أراق أمير المؤمنين من دماء المسلمين أكثر .. ومن الذي يدلّ على انحرافه قول الصادق عليه السلام : «لأبي حنيفة أصحاب وهذا الحسن البصري له أصحاب ..» ، ويظهر من هذا أنّه كان له أصحاب وأتباع يتّبعونه ويقتدون به ، بحيث جعله عليه السلام قرين أبي حنيفة ، وأنّه بمعزل عن أهل البيت عليهم السلام ، وتتّضح صحّة رواية الكشي التي أشرنا إليها من أنّ الحسن كان يلقى أهل كل فرقة بما يهوون ، ويتصنّع للرئاسة ، وكان رئيس القدرية .. فمن هذا كلّه يعلم أنّ الرجل كان طالب رئاسة وسمعة ، وكان منحرفا عن أهل البيت عليهم السلام ، فالقول بأنّ الرجل ضعيف أقلّ ما يقال فيه ، ومن هنا اتّفق أصحابنا على تضعيفه.
فقول بعض المعاصرين في قاموسه ٢٠٠/٣ : والرجل كما رأيت مختلف فيه إلاّ أنّ الأحسن حسنه وتقواه وتقيّته ..! فهو كلام متسرّع ، وليت شعري أيّ تقيّة في قوله لحجّة اللّه على الخلق أمير المؤمنين ووصي رسول ربّ العالمين : ما أراق أمير المؤمنين من دماء المسلمين أكثر ، ثم عدم استحيائه منه في مجابهته عند ما قال