إذا جاء القدر عمي البصر ، وكان من المقدّر أن لا يحج أزيد من خمسين ، بمقتضى دعاء الإمام عليه السلام كما التفت إليه هو بقوله : فلمّا اشترط خمسين سنة .. إلى آخره. والإمام عليه السلام كما كان يعلم بإذن اللّه تعالى بمجيء السيل وغرقه ، كان يعلم بإذن اللّه تعالى أنّ أجله قد انقضى ، وإنّما أراد بتوجيه النهي إليهما منع امية بن علي القيسي من الخروج ، حفظا له عن التلف. فالنهي في الحقيقة غير متوجّه إلى حمّاد ، فلذا لم يؤثّر في قلبه ، واللّه العالم.
الثاني : أنّ سيالة ـ مخففة ، وزان سحابة ـ موضع بقرب المدينة ، على مرحلة منها لمن يريد مكّة ، كما صرّح به في القاموس (١) ، والمراصد (٢) .. وغيرهما (٣). فيكون غرقه قرب المدينة ، كما صرح به النجاشي (٤) أوّلا ، كالكشي (٥) في آخر كلامه ، بقوله : وهو واد يسيل من الشجرة إلى المدينة. ويساعده أنّه مضى لغسل الإحرام فغرق ، والخارج من المدينة يحرم من مسجد الشجرة ، ولا يجوز له التأخير إلى الجحفة ، فقول النجاشي رحمه اللّه بعد ذلك ، كقول الشيخ في الفهرست (٦) ، والعلاّمة في الخلاصة (٧) .. وغيرهم. وهو : غريق الجحفة ينافي
__________________
(١) قاموس المحيط ٣٩٩/٣ : سيالة ، كسحابة (ع) بقرب المدينة على مرحلة ، ومثله في تاج العروس ٣٨٥/٧.
(٢) مراصد الاطلاع ٧٦٣/٢ : السيالة ، بفتح أوّله ، وتخفيف ثانيه ، وبعد اللام هاء : أرض يطؤها طريق الحاجّ. قيل : هي أوّل مرحلة لأهل المدينة إذا أرادوا مكة.
(٣) كما في معجم البلدان ٢٩٢/٣.
(٤) النجاشي في رجاله : ١١٠ برقم ٣٦٥ الطبعة المصطفوية .. ومرت باقي الطبعات ، وفي آخر الترجمة ، قال : وهو غريق الجحفة .. والغريب جدا أنّه قال قبله : ومات حمّاد بن عيسى غريقا بوادي قناة ، وهو واد يسيل من الشجرة إلى المدينة.
(٥) رجال الكشّي : ٣١٦ حديث ٥٧٢.
(٦) الفهرست : ٨٦ برقم ٢٤٢ ، قال : حمّاد بن عيسى الجهني غريق الجحفة ..
(٧) الخلاصة : ٥٦ برقم ٢.