موقفا واحدا مع النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، دليل على تأخّر إسلامه عن موت النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، وبعض المتخلّفين بعده.
وما ذكره ابن شاذان .. وغيره في مدحه إنّما هو لبيان زهده ونسكه ، وأنّه ليس من المتّصفين ـ كالحسن البصري ـ بالرياء والتزوير ، ولا من المجاهرين بعداوة أمير المؤمنين عليه السلام ـ كأبي مسلم الخولاني ومسروق ـ ولا يراد بما ذكروه تصحيح اعتقاده ، ولا ملازمة بين صحّة الاعتقاد وبين ملازمة العبادات البدنيّة ، كما لا يخفى على من استحضر عبادات خوارج النهروان.
وأقول : أمّا كلام هذا البعض الأخير ، فكلام من بذل تمام جهده في حطّ الرجل ، واكتفى في الجرح بكلّ وجه موهوم ، وقيل فيه قول كلّ قائل غير معلوم ، مع أنّ الجرح كالتعديل في اعتبار كون الناطق به محلّ اطمئنان.
وليت شعري ما معنى تعلّقه في جرح الرجل بالموهومات التي سطرها؛ فإنّ عدم عدّه من أصحاب الأئمّة الثلاثة عليهم السلام إنّما هو لبعده ، لا لانحرافه جزما. ولو تنزّلنا عن ذلك ، فاحتمال كونه لبعده كاف في عدم ثبوت انحرافه به.
وأمّا أخذه عن ابن مسعود ، وأبي أيوب. وأخذ الشعبي وإبراهيم عنه ، فلم ينطق به إلاّ الذهبي ، الذي حاله معلوم.
وأمّا عدم أخذه من علي عليه السلام فلم ينطق به حتى مثل الذهبي ، بل تصريح مثل الفضل بن شاذان ـ الثقة الجليل ـ بكونه من أصحاب علي عليه السلام يفيد أخذه منه عليه السلام (١).
__________________
(١) أقول : لا ريب في وثاقة الفضل بن شاذان وجلالته ، ولكن هو من أصحاب الإمامين