قلت : جعلت فداك يا بن رسول اللّه (ص) إنّ هذا يشقّ عليك ، فقال : «إنّي سمعت اللّه عزّ وجل يقول : (لِيَشْهَدُوا مَنٰافِعَ لَهُمْ) (١)» فقلت : منافع الدنيا أم منافع الآخرة؟ فقال : «الكلّ».
وأمّا ما ذكره من أنّ إدراك الرجل الجاهلية والإسلام ، مع عدم عدّهم له من الصحابة ، يكشف عن تأخر إسلامه عن زمان النبي صلّى اللّه عليه وآله ، فرجم بالغيب؛ضرورة أنّ غاية ما ذكروه أنّه مات سنة إحدى أو (٢) ثلاث وستين ، ولم يذكروا مقدار عمره ، ولا بلوغه قبل فوت النبي صلّى اللّه عليه وآله ، ولا حضوره الحجاز حتّى ينقم عليه عدم عدّه من الصحابة. وعدم ذكرهم دركه موقفا واحدا مع النبي صلّى اللّه عليه وآله .. أعوذ باللّه من إخفاء حبّ شيء الحقّ على الإنسان.
وأمّا ما نقمه البعض عليه أخيرا من سكوته في المرّة الأولى والثانية من سماعه لقتل الحسين عليه السلام ، فيدفعه أنّ قتل الحسين عليه السلام لمّا كان من المحالات العادية ، لم يصدّق في المرّة الأولى والثانية ، فلمّا سمع في الثالثة وحصل له الاطمئنان بكى ، وبكاؤه شاهد على حسن ولائه (٣) ، كما هو ظاهر.
وفي رواية أنّه قال : قتل من كان النبي صلّى اللّه عليه وآله يجلسه في حجره ، ويضع فاه على فيه.
__________________
(١) سورة الحج (٢٢) : ٢٨.
(٢) في الأصل : و ، بدلا من : أو. وهو سهو.
(٣) لم يذكر بكائه ابن أبي الحديد وابن الجوزي وأبي نعيم الأصفهاني.