وغيرهم ، اتّضح الكثير من معالم المعرفة الإلهية بواقعها الصحيح والمطلوب .
وعلماء الشيعة الإمامية تمكّنوا من طرق كلّ ألوان العلوم والمعارف ، سعيا منهم - ومن واقع الوجوب الكفائي - لترسيخ أصل الإمامة والخلافة الإلهية لأهل بيت العصمة والطهارة عليهم السّلام ، ونشر قيمه ومبادئه ، على نحو من الاستدلال الفكري الشامل ، الممتلئ بالمنقولات الشرعية الصحيحة متنا وسندا ؛ ناقضين الشبهات بأرفع عناصر الدفع والردّ ، ومبرمين محاور المدّعى بأعمق البراهين وأوضح البيان .
وقد استدعت التكاملية في الأداء إلى تباين المهام وتنوّع التخصّصات ، وهذا ممّا جعل النتائج على غاية من التفوّق المشحون رصانة ومكانة .
ولكن الأغراض والأهداف لا يمكن لها أن تتوقّف على هذا المقدار من الفهم والإدراك ؛ لكون مراتب المعرفة ذات محتوى غزير وعمق واسع لا ينحصر على حجم محدّد من المكان أو الزمان ، فديمومة المثابرة وتنشيط حركة العلم والبحث والتحقيق ، أمران لا بدّ منهما على طول الطريق ومرّ الوقت .
إنّ مدرسة أهل البيت عليهم السّلام - وبفضل العناية الإلهية - استطاعت أن تخرّج علماء وأفاضل ومفكّرين وباحثين في شتّى مجالات المعرفة والثقافة ، والتي منها : علم الفقه والأصول ، علم الكلام والمنطق ، علم واللغة الأدب ، علم الفلك والفيزياء والكيمياء والرياضيات والطبّ ، علم التفسير والبيان ، علم الرجال ، علم البحث والتحقيق والتنقيب . . وغيرها من العلوم والمعارف .
وفقيدنا الراحل العلّامة المحقّق آية اللّه السيّد عبد العزيز الطباطبائي - قدّس سرّه - هو واحد من أولئك الذين حملوا لواء الفكر والفضيلة ، وأسدوا خدمات جليلة وكبيرة للدين والطائفة ، بحيث كانت ولا زالت محلّ ثناء وإطراء أهل العلم والخبرة .
بل هو أحد الذين فتحوا آفاقا جديدة نحو كشف الآثار القيّمة والنفيسة التي تفصح عن أصالة مذهب التشيّع وسموّ مبادئه ، وذلك بروح ممزوجة بالكرم