وقد توفى سعيد سنة ٩٤ ه.
وإبراهيم بن يزيد بن قيس النخعيّ المتوفى سنة ٩٦ ه كان له مذهب ، وهو رئيس مدرسة أهل الرأي والقياس ، وكان شيخا لحماد بن أبي سليمان الذي هو شيخ أبي حنيفة.
كان يذهب إلى أنّ الأحكام الشرعية لها علل ، وأنّ على الفقيه إدراكها ، ليجعل الأحكام الشرعيّة تدور مدارها خلافا لمذهب داود الظاهري وسعيد بن المسيب.
وقد نقل حديثه البخاري ومسلم.
وقد كثرت المذاهب وجاوزت الحد ، فكان لكلّ بلد فقيه الذي يسود رأيه الفقهي بقية الآراء ، ولكلّ عالم منهجه في استنباط الأحكام ، وقد قيل أنّ المذاهب بلغت أكثر من خمسين مذهبا ، وذلك لاتّساع رقعة البلاد الإسلامية ودخول أمم مختلفة في الدين الإسلامي الحنيف ، ولا يمكن ـ طبعا ـ تخلّصها من ماضيها بين يوم وليلة ، فكان الفقيه هو الذي يوائم بين الأحكام الإسلامية وبين الظروف المحيطة بها.
هذه المذاهب منها ما رزق الاتباع فبقي ، ومنها ما اندثر ، نذكر من المذاهب المندثرة على سبيل المثال :
مذهب عبد الرحمن الأوزاعي المتوفّى سنة ١٥٧ ه ، الذي انتشر بالشام حتّى ولي قضاء دمشق أبو زرعة محمد بن عثمان من أتباع الشافعي الذي أدخل مذهبه بالشام وعمل على نشره ، وكان يهب لمن يحفظ مختصر المزني مائة دينار ، وبالدعوة إلى هذا المذهب انقرض أتباع الأوزاعي بالشام في القرن الرابع ، وكان مذهب الأوزاعي الغالب على أهل الأندلس ثمّ انقطع هناك بعد المائتين وتغلّب مذهب مالك (١).
مذهب سفيان الثوري المتوفى عام ١٦١ ه ، وقد كان سفيان متسترا خائفا من سلطان زمانه ، وكان قد أخذ عنه أناس منهم باليمن ، وآخرون بأصفهان
__________________
(١) موسوعة جمال ١ : ٣٤.