موسم الحج واعتذر منه عمّا صدر من عامله بحقّه ، وطلب منه أن يؤلّف كتابا في الحديث يكون عليه المعوّل في الفتوى والقضاء.
وقال له : ضع الفقه ودوّن منه كتبا ، وتجنّب شدائد عبد الله بن عمر ، ورخص عبد الله بن عباس ، وشوارد عبد الله بن مسعود ، واقصد إلى أواسط الأمور ، وما اجتمع عليه الأئمّة والصحابة لنحمل الناس إن شاء الله على علمك وكتبك ، ونبثّها في الأمصار ونعهد إليهم أن لا يخالفوها ، فكتب مالك الموطأ.
واهتمّ الخلفاء العباسيون وأعوانهم في إطرائه بألقاب كثيرة حتى قالوا : انّ رسول الله سمّاه بهذا الاسم ، وأن لا مثيل له بعد كتاب الله.
واختلفوا في منزلته من بين كتب السنّة ، فمنهم من جعله مقدّما على الصحيحين كابن العربي وابن عبد البر والسيوطي وغيرهم (١).
قال الليث بن سعد : أحصيت على مالك سبعين مسألة ، وكلّها مخالفة لسنّة الرسول ، وقد اعترف مالك بذلك (٢).
وأشهر الكتب في المذهب المالكي هو المدوّنة لتلميذه أسد بن فرات والتي أخذها سحنون ورتّبها ونشرها باسم المدوّنة الكبرى.
وأهم المصادر التي اعتمد عليها في استنباطه للأحكام وفي فقهه ، مضافا للكتاب والسنّة هي :
١ ـ الاستحسان ٢ ـ الاستصحاب ٣ ـ المصالح والذرائع ٤ ـ العرف والعادة والقياس عنده في مرتبة ضعيفة.
المذهب الحنفي : ينتسب إلى النعمان بن ثابت بن زوطي بن ماه ( أبو حنيفة ) المولود في الكوفة سنة ٨٠ ه ، وقد تفقّه فيها وكانت دراسته وتلقّيه للفقه عن شيخه حمّاد بن أبي سليمان ( المتوفّى سنة ١٢٠ ه ) تلميذ إبراهيم بن يزيد النخعي ( المتوفّى سنة ٩٦ ه ).
وقد توفي أبو حنيفة في بغداد سنة ١٥٠ ه.
__________________
(١) الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ٢ : ٥٥٦ ، ومقدّمة مستدرك الوسائل ١ : ٢١.
(٢) أضواء على السنّة المحمديّة : ٣٤٦.