وقد روت العامّة عن النبيّ صلّى الله عليه وآله قوله : « من يرد الله به خيراً فقّهه في الدين » (٧).
وغير ذلك من النصوص الدالّة على شرف الفقه ورفيع مكانته ومقدار أهميّته.
والفقه الإِمامي يمثّل الوجه الناصع والانعكاس الحقيقي لما ورد في القرآن والسنة من مفاهيم وأحكام ، فقد جاء عن الإِمام الباقر عليه السلام قوله : « يا جابر ، لو كنّا نفتي الناس برأينا وهوانا لكنّا من الهالكين ، ولكنّا نفتيهم بآثار من رسول الله صلّى الله عليه وآله ، وأُصول علمٍ عندنا نتوارثها كابراً عن كابر ، نكنزها كما يكنز هؤلاء ذهبهم وفضّتهم » (٨).
والتصانيف الفقهيّة التي ألّفها علماء الشيعة الإِماميّة ـ بمختلف الطرق والأساليب ـ تعدّ النموذج الأرقى للفقه الإِسلامي ، والبرهان الساطع على علوّ كعب هذه الطائفة ، سواء كان ذلك من حيث الكمّ أو الكيف ، ولقد جدّت الخطى وتآزرت الجهود وبذلت أقصى الإِمكانيات لإِظهار ما جادت به أقلام عباقرة العلم والمعرفة والفكر والفضيلة بلباس جديد مسبوقاً بالتصحيح والتحقيق ، مراعاً فيه الذوق الرشيق والفن المبتكر والجاذبية العالية.
ولا يخفى على أهل الفن والخبرة من المتخصصين والباحثين والمحققين ما لمؤسسة آل البيت عليهم السلام من دور فعّال ونشاط ملموس وإكبار لمسؤولية إحياء التراث ونتاجات فقهاء مدرسة آل البيت عليهم السلام.
وقد شهد لها القريب والداني من كل حدب وصوب أن عنوانها لم يكن
__________________
(١) صحيح البخاري ١ : ٢٧ ، صحيح مسلم ٣ : ١٥٢٤ / ١٧٥ ، سنن ابن ماجة ١ : ٨٠ ب ١٣ ، موطأ مالك ٢ : ٩٠٠ / ٨ ، سنن الترمذي ٤ : ١٣٧ / ٢٧٨٣ ، مسند أحمد ١ : ٣٠٦.
(٢) بصائر الدرجات ٣٢٠ / ٤ ب ١٤ ، الاختصاص : ٢٨٠ بتفاوت يسير ، وعنهما في البحار ٢ ١٧٢ / ٣.