بين يدي القارىء
على مقربة من بغداد صوب الشرق ، تلوح للناظر من بعيد بلدة صغيرة تدعى « المدائن » يلتقي فيها شاهدان . شاهد كسرى وشاهد سلمان .
أما شاهد كسرى ، فذلك الطاق المحدودب الهرم الذي يحكي قصة جبروت صانعيه ، والذي بقي أثراً من الإيوان الشهير الذي أقامه كسرى أنوشروان ليصبح فيما بعد مقراً للأكاسرة حيث كانوا يطلقون عليه إسم « القصر الأبيض » وكانوا يديرون من بين أروقته حكم ثالث إمبراطورية في العالم القديم ، لم يبق منه اليوم سوى هذا الطاق . وهو إن دل على شيء فانما يدل على شموخ الإسلام وعظمته حيث إستطاع أن يقضي على مظاهر الأباطرة والآكاسرة بفترة وجيزة من أيام حكمه .
وأما شاهد سلمان ، فضريح ومزار وقبة ومئذنتان ينطلق منهما صوت الحق عالياً مدوياً كل يوم يحكي قصة الإيمان والتضحية والشرف . وهناك تحت تلك القبة الشامخة يتمدد جسد ذلك الصحابي العظيم « سلمان سابق فارس نحو الإيمان » والذي ستبقى روحه الزكية مناراً يشع عبر العصور باسمى معاني النبل والوفاء للإسلام العظيم ولرسالته الخالدة ، كما ستظل سيرته مؤشراً يلوح للمسلمين بأن يوحدوا خطاهم على درب الله .
ان
من عظيم الحكمة وبديع التدبير أن يهيء الله سبحانه أفراداً من أمم شتى وقوميات مختلفة يساهمون في دعم دينه وهو بعد لم يزل في طور نشأته