قضى نحبه لحقت بذلك الرجل . فلم يلبث إلا قليلاً حتى حضرته الوفاة .
فقلت : إلى من توصي بي . ؟
فقال : ما أعلم رجلاً بقي على الطريقة المستقيمة إلا رجلاً بنصيبين .
فلحقت بصاحب نصيبين . . (١)
قال : ثم احتضر صاحب نصيبين ، فبعثني إلى رجل بعموريه من أرض الروم ، فأتيته وأقمت عنده ، واكتسبت بقيرات وغنيمات . فلما نزل به الموت ، قلت له :
بمن توصي بي . ؟
فقال : قد ترك الناس دينهم ، وما بقي أحد منهم على الحق ، وقد أظل زمان نبي مبعوث بدين ابراهيم ، يخرج بأرض العرب مهاجراً إلى أرض بين حرتين ، لها نخل .
قلت : فما علامته . ؟
قال : يأكل الهدية ، ولا يأكل الصدقة ، بين كتفيه خاتم النبوة .
قال : ومر بي ركب من كلب ، فخرجت معهم ، فلما بلغوا بي وادي القرى ، ظلموني وباعوني من يهودي ، فكنت أعمل له في زرعه ونخله ، فبينا أنا عنده ، إذ قدم ابن عم له ، فابتاعني منه ، وحملني إلى المدينة ، فوالله ما هو إلا أن رأيتها فعرفتها .
وبعث الله محمداً بمكة ، ولا أعلم بشيء من أمره ، فبينا أنا في رأس نخلة ، إذ أقبل ابن عم لسيدي ، فقال :
__________________
(١) : نصيبين : مدينة تقع على الطريق القديم الممتد بين الشام والموصل ، كانت مشهورةً بكثرة العقارب . راجع معجم البلدان ج ٥ / ٢٨٨ .
قالوا : وتلك الصومعة اليوم باقية ، وهي التي تعبد فيها سلمان قبل الإسلام ( الأصل ) .