قاتل الله بني قيلة (١) قد اجتمعوا على رجل بقباء قدم عليهم من مكة ، يزعمون أنه نبي . قال :
فأخذني القُرّ (٢) والانتفاض ، ونزلت عن النخلة ، وجعلت استقصي في السؤال ، فما كلمني سيدي بكلمة ، بل قال : أقبل على شأنك ، ودع ما لا يعنيك .
فلما أمسيت ، أخذت شيئاً كان عندي من التمر ، وأتيت به النبي صلى الله عليه وآله فقلت له : بلغني أنك رجل صالح ، وأن لك أصحاباً غرباء ذوي حاجة ، وهذا شيء عندي للصدقة ، فرأيتكم أحق به من غيركم .
فقال عليه السلام لأصحابه : كلوا ، وأمسك فلم يأكل .
فقلت في نفسي : هذه واحدة ، وانصرفت . فلما كان من الغد أخذت ما كان بقي عندي وأتيته به ، فقلت له :
اني رأيتك لا تأكل الصدقة ، وهذه هدية .
فقال : كلوا ، وأكل معهم .
فقلت : إنه لهو . فأكببت عليه أقبله وأبكي . فقال : ما لك ؟ فقصصت عليه القصة ، فأعجبه ، ثم قال : يا سلمان ، كاتب صاحبك . فكاتبته على ثلاثمائة نخلة ، وأربعين أوقية .
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله للأنصار : « أعينوا أخاكم » .
فأعانوني بالنخل ، حتى جمعت ثلاثمائة ودية ، فوضعها رسول الله صلى الله عليه وآله بيده ، فصحت كلها .
وأتاه مال من بعض المغازي ، فأعطاني منه ، وقال : أدِّ كتابتك . فأديت وعتقت .
__________________
(١) : لقب أهل المدينة .
(٢) : القر : البرد .