تقدمة للتحقيق
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وبه نستعين
الحمد لله الذي فطر الخلائق وبرأ النسمات ، وأقام على وجوده البراهين والدلالات ، ومن لطفه لم يترك الخلق عبثا حائرين ، بل أرسل إليهم مبشرين ومنذرين ، ليستأدوهم ميثاق فطرته ويذكروهم منسي نعمته ، وأيدهم بالمعجزات والآيات البينات.
وصلى الله على خيرة خلقه محمد (ص) ، الذي ختم الله به الرسالات والنبوات ، وعلى آله الأوصياء المصطفين ، والحجج المنتجبين ، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين.
أما بعد : فمما اتفق عليه علماء الطائفة الحقة أجمعون ، وأيده الوجدان بالأدلة والبراهين أن الأرض لا تخلو من حجة أو إمام ، ظاهر معلوم أو باطن مستور ، من باب لطفه على العباد و ( لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ) (١) ، و ( فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ ) ، والأعلام الواضحة على الخلق أجمعين ، ولو خليت الأرض لساخت بأهلها ، ولغارت غدرانها ، ودرست أعلامها ، ولأصبح أعاليها أسافلها.
فصلاحها ـ من الله ـ بالإمام ، ولو لم يبق في الأرض إلا اثنان لكان أحدهما الحجة كما في الأخبار.
ولذلك انتجب الجليل بحكمته أنبياءه ورسله ، واختارهم أمناء على وحيه ، وقواما على خلقه ، وشهداء يوم حشره ( لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ ، وَيَكُونَ الرَّسُولُ
__________________
(١) النساء : ١٦٥.