صار البجنوردي أستاذا للدراسات العليا ـ البحث الخارج ـ في مادة علم أصول الفقه ، ثمَّ تصدّى لتدريس الأبحاث العالية في الفقه بعد رحيل السيد أبي الحسن الأصفهاني.
وكان يلقي دروسه باللغة العربية ، وقد حضر لديه جمع من الطلاب الإيرانيين والناطقين باللغة العربية.
لبّى نداء ربّه في ٢٠ جمادي الثاني سنة ١٣٩٦ في جوار أمير المؤمنين عليهالسلام في النجف ، ودفن في مقبرة أستاذه السيد الأصفهاني.
كان البجنوردي رحمهالله ـ مضافا إلى تضلّعه في الفقه والأصول ـ معروفا بسعة اطّلاعه وطول باعه في العلوم الأخرى ، مثل آداب اللغة والفلسفة والعلوم التاريخية والجغرافية.
وكان يرتاد المحافل العلمية في العالم الإسلامي ، فله روابط وعلاقات مع جامعات بغداد والأزهر وتونس والمغرب.
أمّا قوّة حافظته وذكائه فهو أمر شائع ومعروف ، حيث كان يحفظ الكثير من الأحاديث ، وكذا شعر كبار الشعراء وفطاحلهم. (١)
لم يرتض البجنوردي الأسلوب المتداول في تدريس الأبحاث العالية في الحوزة العلمية ، حيث كان يعتمد فيه الأستاذ على كتاب الفتاوى مادّة لدرسه ، فيأخذ مسألة مسألة ويطرحها للبحث ، ويقيم الدليل على إثباتها أو نفيها ، ثمَّ يقرّر رأيه في المسألة. إنّه كان يعتقد أنّ هذا الأسلوب لا يعلّم التلميذ القواعد الرئيسية للاجتهاد حتّى يتمكن من تطبيق القاعدة في المورد المشابه ؛ ولذا فإنّ التلميذ غالبا ما تطول مدّة حضوره في دروس الأبحاث العالية لكي تحصل له ملكة الاستنباط.
__________________
(١) قال ولد المصنّف آية الله السيد محمد : إنّ والدي كان يحفظ القرآن ونهج البلاغة والصحيفة السجّادية والمعلقات السبع ومقامات الحريري ومثنوي وشاهنامة فردوسي وگلستان سعدي وديوان حافظ وجامى وشبستري. وكان يقول : كل قصيدة إذا قرأتها مرّتين حفظتها.