حتّى إذا خضبت لحيته المباركة من دم رأسه الشريف ، قام زكيّ أهل البيت الحسن المجتبي عليهالسلام بمهام الإمامة والخلافة ، إلاّ أنّ العواء الأموي القرشي أبى إلاّ أن يكون هو الحاكم المطلق المستبد المستعبد للمسلمين ، فكان الظلم والظلام.
بعد ذلك غاب السبط المجتبى وأخوه الحسين عليهماالسلام متلفّعين ببرد الصمت المقهور بعد أن كانا متلفعين بكساء رسول الله صلىاللهعليهوآله . ثمّ أطلق الإمام الحسين صرخته المدوية في وجه الظالمين ، ليثبّت في عالم اللوح أنّ الخلود للحق. وأنّ الامامة منصب إلهي لا يمكن أن يمحى من عالم الوجود ، فكانت كربلاء ، وكانت الدماء ، وكانت المأساة.
وهكذا ظلّت الحقيقة مجروحة القلب ، نازفة الوريد ، ظمآنة الفؤاد ، عبر دموع السجّاد عليهالسلام ، وعلوم الصادقين عليهماالسلام ، وسجن الكاظم عليهالسلام ، وإبعاد الرضا عليهالسلام ، واغتيال شباب الجواد عليهالسلام ، وخان صعاليك الهادي عليهالسلام ، فلمّا قرب بزوغ فجر المهدي المنتظر من آل محمّد ، ضربت قيود الحصار على الإمام الحسن العسكري عليهالسلام من قبل الظالمين ، ليئدوا الشمس في مهدها ، لكنّ الله أبى إلاّ أن يتمّ نوره ولو كره الكافرون.
لقد ولد الإمام المهدي المنتظر بعين الله ، واستبشرت به ملائكة السماء ، وسرّت به قلوب المؤمنين ، وأخبر والده خلّص الشيعة بهذا المولود الكريم ، فرأوه وآمنوا به ، وظهرت لهم منه المعاجز والكرامات ، وكان المؤمّل للنجاة والخلاص ، فخاف الظالمون من هذا النور الإلهي الذي بشّر به الله ورسوله والأئمّة ، فأرادوا أن يغتالوه وهو في عمر الورد ، فوقعت الإرادة الربانيّة بغيبته الصغرى ، وكانت السفارة والسفراء. ثمّ شاء الله أن تقع الغيبة الكبرى حتّى يأذن هو سبحانه وتعالى بالفرج ؛ فرج آل محمّد.