وفي خضمّ هذا الصراع الطويل بين الحق والباطل ، والنور والظلام ، والإمامة والتسلّط ، دأب السلطويون وأتباع الظلمة والفراعنة على تزييف الحقائق ، وإنكار كلّ ما يمتّ إلى وجود هذا الإمام المنتظر بصلة ، مفترضين أنّه لم ير النور بعد ، متجاوزين على كتاب الله وسنة رسوله وسيرة الأئمّة المعصومين عليهمالسلام.
ولقد قال قائلهم (١) قصيدة له نكراء ـ أرسلها من بغداد إلى النجف الأشرف ـ ينكر فيها وجود الإمام المهدي ، مطلعها :
أيا علماء العصر يا من لهم خبر |
|
بكل دقيق حار في مثله الفكر |
لقد حار منّي الفكر في القائم الذي |
|
تنازع فيه الناس والتبس الأمر |
فتصدى له رهط من العلماء الشعراء ، فأجابوه بقصائد عصماوات أثبتوا فيها الحق ودفعوا الباطل ، منهم المفسّر العلاّمة المرحوم الشيخ محمّد جواد البلاغي ، حيث أجابه بقصيدة مطلعها :
أطعت الهوى فيهم وعاصاني الصبر |
|
فها أنا مالي فيه نهي ولا أمر |
يقول فيها :
وها هو بين الناس كالشمس ضمها |
|
سحاب ومنها يشرق البرّ والبحر |
به تدفع الجلي ويستنزل الحيا |
|
وتستنبت الغبرا ويستكشف الضرّ |
ويقول مخاطبا للمعترض :
فدع عنك وهما تهت في ظلماته |
|
ولا يرتضيه العبد كلاّ ولا الحرّ |
وقد جاء في الآثار عن كلّ واحد |
|
أحاديث يعيى من تواترها الحصر |
تعرفنا ابن العسكري وأنّه |
|
هو القائم المهدي والواتر الوتر |
__________________
(١) وهو وإن لم يذكر اسمه ، إلاّ أن الظاهر أنّه محمود شكري الآلوسي.