[ مسألة ] وسألوا عن معنى قوله تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللهِ ) فقالوا كأنه قال ان الذين آمنوا من آمن منهم وهذا كالمتناقض. وجوابنا ان المراد في الذين آمنوا الاستمرار على ايمانهم وفي الذين هادوا الانتقال الى الايمان وذلك صحيح وقد قيل ان المراد بأن الذين آمنوا من أظهر الاسلام والمراد بمن آمن منهم كمال الايمان وذلك مستقيم.
[ مسألة ] وقد قيل كيف قال ( فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) ونحن نعلم ان المؤمنين قد يخافون ويحزنون. وجوابنا انه تعالى أراد ذلك في الآخرة كما قال تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ ) وقال ( لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ ) وكل ذلك ترغيب في التمسك بالايمان والطاعة.
[ مسألة ] قالوا في قوله تعالى ( وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً ) كيف يأمر بذبح بقرة لها صفة ثمّ باخرى لها صفة أو ليس ذلك يدل على البداء « وجوابنا » أنه أمر أولا بذبح بقرة على أيّ صفة كانت فلما عصوا كان الصلاح التشديد عليهم ثمّ كذلك حالا بعد حال الى أن أمرهم آخرا بذبح بقرة لا ذلول تثير الارض ولا تسقي الحرث مسلمة لا شية فيها فيقال طلبوها فاشتروها بمال عظيم لأنه لم يوجد بتلك الصفة سواها وكان السبب في ذلك ما بينه بقوله ( وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها وَاللهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اللهُ الْمَوْتى ) وكان هناك قتيل وكتموا القاتل فأخفوه فأراد الله تعالى اظهاره باحياء القتيل عند ضربه ببعض البقرة ليذكر ذلك المقتول قاتله فيقام عليه حد الله تعالى والله تعالى وان كان قادرا على احياء ذلك