القتيل من دون أن يضرب ببعض البقرة فقد كان لطفا لهم لان عادتهم كانت التقرب بذبح البقرة كما تعبدنا الله تعالى بذبحها في الاضحية وكان ذلك من معجزات موسى عليهالسلام.
[ مسألة ] يقال وقد قال تعالى ( ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ) كيف يجوز أن يفضل قلبهم في القسوة على الحجارة والحجارة لا قسوة فيها أصلا وكيف قال ( وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ ) وذلك لا يصح على الحجارة. وجوابنا ان ذلك على وجه المثل ضربه الله تعالى لقلبهم في القسوة لان الظاهر ان القسوة تكون لصلابة القلب فكذلك القول في الخشية أورده على وجه المثل وقد قيل أن المراد ولو جعل الحجز حيا لكان يحصل فيه من الخشية ما ليس في قلبهم والاول أقوى لأنّ الحجارة اذا جعلت حية لا تكون حجارة.
[ مسألة ] قالوا كيف يقول تعالى ( أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ ) يعني اليهود ثمّ يقولون من بعد ( وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا ) فنفى في الاول وأثبت في الثاني وذلك تناقض. وجوابنا ان المراد ( أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا ) ايمانا ظاهرا وباطنا والذي عناه في قوله ( وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا ) ما أوردوه ظاهرا على وجه النفاق فالكلام مستقيم ولذلك قال ( وَإِذا خَلا بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ قالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ ) فذمهم بذلك على هذه الطريقة التي هي النفاق وبين انهم يحرفون التوراة ويشترون بها ثمنا قليلا وانهم كانوا يفعلون ذلك ليستأكلوا ضعفائهم فقال تعالى ( فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ ) ودل بذلك على ان كتمان الحق في الدين يوجب الويل وقوله تعالى ( بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ ) زجر عظيم لمن يعصى ربه كما ان قوله تعالى ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ ) ترغيب عظيم في التمسك بطاعته. ثمّ ذكر انه أخذ ميثاق بني اسرائيل في أن لا يعبدوا الاّ الله وفي أن