عليك ، وما أدري كيف أنا عندك في النصيحة لك؟
قال : يا أبا بكر! ما أنت ممّن يستغشّ ولا يتّهم فقل ، قال : قد رأيت ما صنع أهل العراق بأبيك وأخيك ، وأنت تريد أن تسير إليهم وهم عبيد الدنيا ، فيقاتلك من قد وعدك أن ينصرك ، ويخذلك من أنت أحبّ إليه ممّن ينصره ، فاذكّرك الله في نفسك.
فقال : جزاك الله يا ابن عم خيرا فقد اجتهدت (١) ، ومهما يقضي الله من أمر يكن.
فقال أبو بكر : إنّا لله ، عند الله نحتسب أبا عبد الله.
وكتب عبد الله بن جعفر بن أبي طالب إليه كتابا يحذّره أهل الكوفة ويناشده [ ٦٢ ـ ألف ] الله أن يشخص إليهم.
فكتب إليه الحسين : إنّي رأيت رؤيا (٢) ، ورأيت فيها رسول الله وأمرني بأمر أنا ماض له ، ولست بمخبر بها أحدا حتى الاقي عملي (٣).
وكتب إليه عمرو بن سعيد بن العاص : إنّي أسأل الله أن يلهمك رشدك ، وأن يصرفك عمّا يرديك.
بلغني إنّك قد اعتزمت على الشخوص إلى العراق ، فانّي أعيذك بالله من الشقاق! فإن كنت خائفا فأقبل إليّ ، فلك عندي الأمان والبرّ والصلة.
فكتب إليه الحسين : إن كنت أردت بكتابك إليّ برّي وصلتي فجزيت خيرا في الدنيا والآخرة ، وإنّه لم يشاقق من دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنّني من المسلمين ، وخير الأمان أمان الله ، ولم يؤمن بالله من لم يخفه في الدنيا ، فنسأل الله مخافة في الدنيا توجب لنا أمان الآخرة عنده. (٤)
__________________
(١) في مصدره ـ الطبقات الكبرى لابن سعد ـ هكذا : فلقد اجتهدت رأيك.
(٢) ( قال ابن الأثير في أسد الغابة : ١ / ٢١ : فنهاه جماعة ، منهم : أخوه محمّد بن الحنفيّة وابن عمر وابن عباس وغيرهم ، فقال : رأيت رسول الله في المنام وأمرني بأمر فأنا فاعل ما أمر ).
( ٣ و ٤ ) مقتل الحسين عليهالسلام للخوارزمي : ١ / ٣١٢ ، وأورده ابن الأعثم الكوفي في الفتوح بلفظ قريب ، وفيه : كتب إليه سعيد بن العاص!