وكتب يزيد بن معاوية إلى عبد الله بن عباس يخبره بخروج الحسين إلى مكة ، وبحسبه جاءه رجال من أهل هذا المشرق فمنّوه بالخلافة ، وعندك منهم (١) خبرة وتجربة ، فإن كان فعل هذا فقد قطع وأشبح القرابة! وأنت كبير أهل بيتك والمنظور إليه ، فاكففه عن السعي في الفرقة!
وكتب بهذه الابيات إليه وإلى من بمكّة والمدينة من قريش :
يا أيّها الراكب الغادي لطيبة (٢) |
|
على عذافرة في سيرها قحم |
ابلغ قريشا على نأي المزار بها |
|
بيني وبين حسين الله والرحم |
وموقف بفناء البيت أنشده |
|
عهد الاله وما توفى به الذمم |
[ ٦٢ ـ ب ] عنيتم قومكم فخرا بامّكم |
|
أمّ لعمري حصان برّة كرم |
هي التي لا يداني فضلها أحد |
|
بنت الرسول وخير الناس قد علموا |
وفضلها لكم فضل وغيركم |
|
من قومكم لهم في فضلها قسم |
إنّي لأعلم أو ظنّا كعالمه |
|
والظنّ يصدق أحيانا فينتظم |
أن سوف يترككم ما تدّعون بها |
|
قتلى تهاداكم العقبان والرخم |
يا قومنا لا تشبوا الحرب إذ سكنت |
|
ومسكوا بجبال السّلم واعتصموا |
قد غرّت الحرب من قد كان قبلكم |
|
من القرون وقد بادت بها الامم |
فانصفوا قومكم لا تهلكوا بذخا |
|
فربّ ذي بذخ زلّت به القدم (٣) |
__________________
(١) في الطبقات : وعندك علم منهم ...
(٢) في الطبقات : مطيته.
(٣) أورد الأبيات كلّها ابن الاعثم في الفتوح وأضاف :
قال : فنظر أهل المدينة إلى هذه الأبيات ، ثمّ وجهوا بها وبالكتاب إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما ، فلمّا نظر فيه علم أنه كتاب يزيد بن معاوية ، فكتب الحسين الجواب :
بسم الله الرّحمن الرّحيم ( وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ ) ، والسّلام. الفتوح : ٢ / ١٢٦.