فسكنت منها إلى أن عاودت نومها.
وقال أبو القاسم : ثمّ قال لي : مع معرفتك بالرجل فقد حملتك الأمانة في أداء هذه الرسالة ، فقلت : سمعا وطاعة لأمر سيّدة النساء ـ رضوان الله تعالى عليها ـ.
قال : وكان هذا في شعبان ، والناس إذ ذاك يلقون أذى شديدا وجهدا من الحنابلة ، وإذا أرادوا زيارة المشهد بالحائر خرجوا على استتار ومخافة ، فلم أزل اتلطّف في الخروج حتّى تمكّنت منه وحصلت في الحائر ليلة النصف من شعبان ، وسألت عن ابن أصدق فدللت عليه ، ودعوته وحضرني ، فقلت له : إنّ فاطمة ـ عليهاالسلام ـ تأمرك أن تنوح بالقصيدة التي فيها :
لم امرضه فأسلو |
|
لا ولا كان مريضا |
فانزعج من ذلك وقصصت عليه وعلى من كان معه عندي الحديث ، فأجهشوا [٩٣] بالبكاء وناح بذلك طول ليلته وأوّل القصيدة :
أيّها العينان فيضا |
|
واستهلاّ لا تغيضا |
وهي لبعض الشعراء الكوفيين.
وهذه الحكاية ذكرها غرس النعمة أبو الحسن محمّد بن هلال بن المحسن بن إبراهيم المعروف بابن الصابي في كتاب « الربيع » ، ذكر أنّ أباه الرئيس هلال بن المحسن ذكرها في كتاب « المنامات » من تأليفه وقال : حدّث القاضي أبو علي التنوخي قال : حدّثني أبي ـ يعني أبا القاسم ـ وذكر الحكاية.
[١٩٢] ـ أنبأنا بذلك أبو محمّد عبد اللطيف بن يوسف بن علي ، عن أبي الفتح محمّد بن عبد الباقي بن سلمان ، عن أبي عبد الله الحميدي قال : أخبرنا غرس النعمة وأبو الحسن الكرخي المذكور هو من كبار أصحاب أبي حنيفة وله من المصنّفات « مختصر الكرخي » (١)
__________________
(١) جاء في الجزء الثاني من كشف الظنون : ص ١٦٣٤ :
مختصر الكرخي ـ في فروع الحنفيّة أيضا للامام أبي الحسين [ كذا ] عبد الله بن الحسين بن دلال بن دلهم